في العبقَرِية أحقابُ لهمْ قُشُبٌ ... وفي البطولِةِ آبادُ لهمْ جُدُدُ
حلَّقْتَ كالنَّسرِ في الجوزاءِ مرتقياً ... وخلْفَكَ الناسُ في أَثوابهمْ جَمَدُوا
يرَوْنَ فيكَ مَضاءً لا كَفَاََء لهُ ... وعَزمةً تخلُقُ الأبطالَ أَو تِلًدُ
فخفَّضَوا الهامَ إِعْجاباً وتكرِمةً ... والناسُ إِن بَهَرَتْهُمْ خلَّةٌ حمِدُوا
أُقصيت عن وطن مارُمْتَهُ بأذًى ... وعُشتَ تبنى له العَلياَء أو تُعدُ
تنكَّرت لك دنيا لا ذمامَ لها ... وخانك الصَّحْبُ والأدنَوْن والبعدُ
أيرتعُ الغِرُّ في أَمْنٍ وفي دعةٍ ... وأَنت ناءٍ عن الأوطانِ مُبتَعدُ
من همَّ يسألُ عن (ياسينِهِ) لَهِفاً ... مشى به القَيْدُ أَو أَلوَى به الصَّفَدُ
لما نُعيتَ إلى أرض العراقِ ضُحَىَ ... ضَج الفضاءُ وَضَج السَّهل والجَلدُ
وزُوِّعَتْ فئةُ للبغْيِ جاحِدةُ ... حاق الشَّقاءُ بها والنَّحْس والنكَدُ
خافوك مَيْتاً وما بالميتِ من فرَقٍ ... لما نُعيتَ تهاوَوْا ثمَّةَ افتًقِدًوا
كأنهم في سَوادِ الليلِ أَخْيِلَةٌ ... لولا الخيالاتُ في دُنياكَ ما وُجِدُوا
لم يَلْبَثُوا أَن توارَوْا في معايبهمْ ... وَجرِّعُوا الموتَ لم يَفطُن لهم خَلَدُ
مشت (دِمشقُ) وراَء النَّعشِ جازعةً ... يكادُ يُصْعِقُهَا الأحزانُ والكمدُ
تَبكي ابنَها البَرَّ قد أَوْدي الحِمَامُ به ... فضاع في مَوته التبِّيْاَنُ والرَّشَدُ
عَمَّ الذُّهوْلُ رِباعَ الشام من أَسَفٍ ... كأنها مُقْلَةٌ دَمِعَاءُ أَو كِبَدُ
قد فَجَّرَ الألمُ الجبارُ أَدْمُعَهَا ... كما تَفَجَّر يومَ العارِضِ االبرَدُ
لا الأُنْسُ يضحكُ في أَرجائِهَا أَلفاً ... ولا النعيمُ عَلَى جناتِهَا يفِدُ
إلا الكآباتِ تَعلو الأُفْقَ غامرةً ... وللكآباتِ صوتٌ صارخٌ فَرِدُ
لَهْفِي عليها ولهف الُعرْبِ قاطِبةً ... مات الحبيبُ ومات القائدُ النَّجِدُ
ياسِينُ لا تحتفِلً كيداً رمَوْكَ بهِ ... ولا يَهولَنك ما حاكوا وما سَرَدُوا
فأنت كالشمسِ إن تَسْمُ العُيونُ لها ... ترتدُّ عنها وفي أجفانِها رَمَدُ
لم يلبث الحقُّ أن لاحت مَخَايُلهُ ... وغاب في طيِّهِ الُبهتَانُ والَفَندُ
إن أَرجَفوا فضلالُ ما نعوجُ بهِ ... كم يضحكُ اليمُّ إن أَرْغي به الزَّبَدُ
دَعِ المُفَنِّدَ يمِعنْ في غَوَايتِهِ ... فليس يَرْفعُ إلا الواحِدُ الصَّمَدُ