للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[للنقد الخالص]

من عجائب الفهم. . .؟!

للأستاذ زكي طليمات

مفتش شؤون التمثيل بوزارة المعارف

للنقد الأدبي اليوم في مصر حركة ونشاط، وكأن الأدب في مصر، وقد تأثر بالهزة العنيفة التي أنزلتها الحرب القائمة بالنظم والأوضاع في حياة العالم بأسره. يختلج اليوم اختلاجات عنيفة ويتحوى وينقبض شأن كل كائن يتهيأ لحركة عنيفة، أو يتحفز لوثبة قادمة.

والحرب والنقد شيء واحد، فالحرب - كما قرر بعض علماء الاجتماع - وقفة تقفها الإنسانية تراجع فيها نظمها وما كانت عليه، لتتدارك ما (تضخم) من طفيلات المذاهب، وتفتح عروقها لتتفصد بما طغى عليها من الأوشاب والفضول، والنقد في طبيعته ووسائله ومقاصده لا يختلف عن هذا.

وقيام هذه الحركة النقدية في مصر اليوم جدير بالاهتمام حري بالتأمل، يبعث الارتياح في نفس كل تواق إلى أن يرى الأدب في مصر يقتحم مناطق جديدة من النشاط الذهني، ويعمل على أن يتخلص من علله وأمراضه. فالنقد شاهد على حيوية الأدب، وفيه ما ينهض دليلاً على أن الذهن يتطلع، ويؤمل، ويراجع، ويتبصر، وينصب الميزان الصحيح.

وآخر ما قرأناه في هذا الموضوع نقد بعنوان (من عجائب الاجتهاد) بإمضاء (ناقد أديب)، تناول في نقده هذا مسرحية (مفرق الطريق) للدكتور بشر فارس.

و (مفرق الطريق) مسرحية أخرجها مؤلفها إلى الناس منذ عامين قدوَّت في عالم التأليف المصري دوَّيا واسعاً، دفع الأقلام إلى تناولها بين مادح ومستغرب، وكانت (الرسالة) الغراء معرضاً لما دبجته هذه الأقلام، وقد كان لي سهم في الكتابة عن هذه المسرحية، فبسطت دقائقها، وكشفت عن مفاتنها الحفية، وبينت أصالتها في الرمزية المستحدثة، وقررت جدتها في عالم التأليف المصري للمسرحية.

قرأت نقد (الناقد الأديب) وكان أول ما عجبت له أن يخرج ذلك المقال متأخراً، بعد أن مضى على ظهور المسرحية أكثر من عامين، وبعد أن خبت النار التي اشتعلت حولها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>