خسرو الثاني، بن هرمزد الرابع، بن خسرو أنو شروان العادل، المعروف عند مؤرخي العرب باسم كسرى برويز، أي كسرى المظفر؛ وهو آخر ملوك الدولة الساسانية الكبار، ملك إيران ثمانياً وثلاثين سنة (٥٩٠ - ٦٢٨م)، فكان عهده من أطول العهود، مليء بالحوادث العظيمة، والقصص الممتعة، ذات الأثر البليغ في الأدبيين الإيراني والتركي وفي الفن الإسلامي
تولى خسرو برويز عرش إيران والبلاد في حالة ثورة واضطراب عظيم، فقد كان أبوه هرمزد عسوفاً شديد البطش، وكان من آثار سياسته أن ثار به القائد الشهير بهرام جوبين، الذي هزم الترك سنة ٥٨٨م وقتل ملكهم ساوه شاه وأسر ابنه بعد أن غنم ما يفوق الوصف، فأوغر بذلك صدر هرمزد بالغيرة منه والحقد عليه. ورأى هرمزد في انهزام بهرم جوبين أمام الروم في موقعة عند اللاذقية سنة ٥٨٩م، فرصة ليحط مقدار القائد العظيم فأمر بإحضار قميص من الشعر، وسراويل أحمر، ومعجر أصفر، ووعاء فيه قطن، ومغزل إلى غيرهما مما يصلح للنساء، وأمر بعض أصحابه أن يحملها إلى بهرام فأقحمه الثورة. وثار الناس بهرمزد ودخلوا عليه القصر ونكسوه من العرش، وكحلوا عينيه وحبسوه، ثم قتلوه بعد ذلك، وأنهى الخبر بذلك إلى خسرو وبرويز، فطار بجناح الركض، وجاء من أرمينيا حيث كان قد فر إليها لما أوقع بهرام جوبين بينه وبين أبيه، فتغير رأي أبيه عليه وأراد أن يقتله. ولكن خسرو برويز لم يفلح في مصالحة بهرام جوبين، وفر ثانية ولجأ إلى موريس إمبراطور الروم يطلب معونته، فزوَّده بجيش استطلاع به أن يقهر بهرام جوبين ويضطره أن يفر فيلجأ إلى خاقان الترك حيث قتل فيها بعد. وكانت لإمبراطور الروم بنت متحلية بالخلال الحميدة والخصال المرضية تسمى (مريم)، وكانت جميلة كالشمس إذا انكشف عنها السحاب، فرأى أن يزوجها من خسرو ليتم بذلك ربط صلات المودة بين البلدين، وقد تزوج خسرو من (مريم)، فولدت له ابنه (شِيروُيَه)
وبلغ خسرو برويز من سعة السلطان مبلغاً عظيماً، فاستولى على مصر والشام وسائر ما