كان يملكه الروم في آسيا الصغرى، حتى عسكرت جنوده على شاطئ البسفور في مقابلة القسطنطينية، ولكن بسطة السلطان هذه انقبضت في آخر أيامه، واستطاع (هرقل) إمبراطور الروم أن يهزم جيوش خسرو بعد حرب طاحنة دامت أعواماً طويلة، فثار الناس به وقبضوا عليه وحبسوه وولوا ابنه (شيرويه) العرش باسم (قباذ الثاني)، فأمر بقتل أبيه (خسرو) وعقد الصلح مع الروم
أما (شيرين)، فقد اختلف الرواة في أصلها، فقال بعضهم - ومنهم الشاعر نظامي - إنها بنت ملك الأرمن، أحبها خسرو حين فَّرمن أبيه هرمزد؛ وقال آخرون أنها إيرانية كانت في خدمة أحد الأشراف، وكان خسرو في صباه يتردد على دار هذا الشريف فأحب شيرين وأعطاها خاتماً، فلما علم رب الدار بهذا الحب، أمر أحد خدامه أن يغرقها، وقد استطاعت شيرين أن تؤثر في هذا الخادم، فألقاها في مكان من نهر الفرات قليل الغور، فنجت من الغرق ولجأت إلى أحد الأديرة. ولما تولى خسرو العرش، سار ذات يوم إلى ناحية هذا الدير، فأرسلت إليه شيرين الخاتم مع أحد عساكره، فذكرها وأخذها إلى قصره في المدائن، فعاشت معه وأخلصت له. وبعد مقتل خسرو رآها ابنه شيرويه، فكانت في نظره ذات وجه كالنهار الشامس، وشعر كالليل الدامس. . . فلما رآها كادت تزهق روحه شغفاً بها. . . فتناولت شيرين السم لتضع حداً لهذا الحب وتبقى على إخلاصها لخسرو
وكان لشيرين عاشق ثالث اسمه (فَرْهاد): كان مثَّالاً إيرانيًّا بارعاً في فنه، اشتهر في عصر خسرو برويز بنحت التماثيل والزخارف. ويقال إنه هو الذي نحت الصور الخالدة لخسرو في (طاق بستان)، وسيأتي ذكر ذلك فيما بعد
وقد نظم الشاعر نظامي الكنجوي قصة (خسرو وشيرين)، وجعلها إحدى منظوماته الخمس، ثم اقتدى به كثير من شعراء الإيرانية والتركية، فنظمها بالإيرانية خسرو الدهلوى، وبالتركية شيخي وعطائي وآهي وغيرهم. ووجد الفنانون في حوادث هذه القصة ومواقفها مادة ليس لها من نهاية يستلهمون منها في رسم صور لا حصر لها، فصوروها في جميع مراحل التصوير الإسلامي وفي مختلف عصوره. وشاء القدر بذلك أن يخلد لأبطال هذه القصة صفحات في كتب التاريخ والأدب والفن
يقول الشاعر نظامي الكنجوي أن خسرو برويز ولد في طالع حسن عند بزوغ فجر أحد