للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

ضحى الإسلام

ألفه العلامة أحمد أمين الأستاذ بكلية الآداب ونشرته لجنة التأليف والترجمة والنشر في ٤٥٠ صفحة من القطع الكبير وقدم له (الدكتور طه حسين بهذه المقدمة) وستعود الرسالة إلى هذا الكتاب القيم فنقول كلمتها فيه. قال الدكتور:

أراد ناقد من نقاد التمثيل أن يثني على قصة راقته، وملكت عليه إعجابه، وكان صاحب القصة له صديقاً حميماً فتوقع أن يلام في الثناء عليه، ولكنه لم يتحرج من إهداء هذا الثناء إلى صديقه في غير تردد ولا تحفظ. وأعلن في صراحة (أعجبتني) أن من خيانة الأصدقاء أن تتخذ صداقتهم وسيلة إلى جحود مالهم من حق وإخفاء مالهم من فضل، وتجاملهم هذه المجاملة السلبية التي تدفعك إلى أن تتردد وتتحفظ، وتقدم إليهم ثناء ممتقعاً شاحباً، حتى لا تتهم بالإغراق، ولا توصف بالمحاباة. وحتى لا يسوء ظن قرائك بنصيبك من الأنصاف، وحظك من الاستقلال.

رأى ذلك الناقد (وأنا أرى معه) أن هذا النحو من معاملة الأصدقاء خيانة منكرة، وظلم قبيح. وأنه فالوقت نفسه نوع من اتهام النفس، والإسراف في سوء الظن بها. فليس ينبغي للناقد أن يصدر (فيما أرى من رأي) عما يقول الناس فيه أو ما يمكن أن يقولوا فيه، وإنما هو مدين لنفسه ولقرائه بما يعتقد أنه الحق الخالص، سواء أرضي الناس أم سخطوا، وسواء أوافق رأيه هوى القراء، أم أنحرف عنه.

وعلى هذا النحو من الاستعداد عمدت دائماً إلى النقد، واجتهدت ما استطعت أن لا أظلم الصديق لصداقته، ولا الخصم لخصومته، وليس الظلم مقصوراً على أن تغضَّ من العمل الأدبي أو العلمي، أو تنقص من قيمته لأن صاحبه صديق لك، أو حرب عليك. بل هناك ظلم أقبح من هذا وأشنع، وهو أن تثني على من لا يستحق الثناء أو تغلو في حمد من لا يستحق الحمد إلا بمقدار، وأن تحمد الخصم لأنه خصم، ولأنك تكره أن يقول الناس فيك خاصمه فعجز عن إنصافه وتحامل عليه.

ولست أريد أن أخون صديقي (أحمد أمين) بالإسراف في الثناء عليه، ولا أن أخونه بالغض منه والتقصير في ذاته، وإنما أريد أن أنسى صداقته، وأهمل (ولو لحظة قصيرة) ما بيني

<<  <  ج:
ص:  >  >>