أقام مجمع العلوم والآداب في باريس احتفالاً مهيباً في يوم ٢٦ فبراير المنصرم لمناسبة الذكرى المئوية لوفاة العلامة سيلفستر دي ساسي المستشرق المشهور بين أهل الفكر في الشرق والغرب، والذي كان سكرتيراً دائماً لهذا المجمع، وقد افتتح الاحتفال رئيس المجمع بخطاب شامل عن المستشرق العظيم قال فيه: إن سيلفستر ولد في ٢١ سبتمبر من سنة ١٧٥٨ في أسرة فقيرة لا طائل لها من نشب أو نسب، إذ كان أبوه جان سيلفستر مسجل عقود، أما صاحب الترجمة واسمه الأصلي أنطون إيزاك فإنه لم يسافر في حياته إلا مرة واحدة، إذ ذهب إلى جنوى للبحث عن مخطوطات شرقية، وكان يقضي وقته في العاصمة متنقلاً من معهد إلى معهد، ومن مكتبة إلى مكتبة، فهذا الرجل الذي أطلع الغرب على أسرار الشرق لم يذهب قط إلى الشرق، وإنما تلقى معلوماته من المخطوطات النادرة، وتلقف الأخبار التي كان ينقلها إليه تلاميذه وأصدقاؤه
ولقد حذق سيلفستر العربية كما عالج العبرية والسريانية، ولقد انتهج في دراسة العربية نهجاً سهلاً يتفق من الوجهة المنطقية مع الأساليب الفرنسية ووضع كتاباً على هذا النهج لتدريس العربية في مدرسة اللغات الشرقية فوفق كل التوفيق. وقد كان ينشر في جريدة العلماء، والمجلة الأسيوية، وجريدة دائرة المعارف، كل مجهود في دراسة الأدب العربي وحضارة الشعوب الإسلامية، وإخراج المخطوطات النادرة، وكان في جملة ما عني به من كتب الأدب العربي (مقامات الحريري) فنشرها كلها شرحاً ومتناً، وهو أول من نشر كتاب (كليلة ودمنة) لابن المقفع، وصدره بدراسة وافية في أصل الكتاب وتاريخه وترجمته.
ثم قال رئيس المجمع:(لقد كان سيلفستر ممثلاً لضمير الشرق الحي المنبعث بين الغربيين، وقد كانوا يعدونه بعد وفاة العلامة كونياي أكبر عالم في فرنسا ولم يأت بعده من يماثله في التفوق بالعلم إلا العلامة باستور الكبير)
دار الكتب في عهد جديد
دار الكتب المصرية في حاجة إلى إصلاح شامل ونهضة قويمة طالما نادى بها الأدباء والمفكرون في مصر، وقد لمس هذه الحاجة الماسة معالي وزير المعارف فاجتمع بمجلس