ترى كانت - في فصله هذا - يعزو كل تأثير إلى أحاسيس باطنية، فهو لا يتحرى إذ يتحرى عن أسباب الجمال الخارجية، لأن الحس لا يكمن في الأشياء ولكنه يكمن في الإنسان
وقد شطر نقد الحكم شطرين: الأول ويحتوي على الألفة بين الجميل والسامي لما بين الجمال والسمو من تقارب، والآخر وهو يعنى بمظاهر الأشياء المؤتلفة المتطابقة في الوجود
إن (كانت) بحث في موضوع الجميل كما بحث فيه الأولون، ولكنه وسع دائرة البحث وتعمق في تحليله؛ فاعتبر اللذيذ كل ما فيه لذة للحواس مصحوباً بالرغبة، واعتبر اللذة التي يولدها مشهد الحسن والجمال لذة خالية من الأهواء والأغراض، وإن حكماً ما يمازجه قليل من الهوى لهو حكم فاسد غير مبني على الذوق، ولكن لما كان حكم الذوق مبنياً على العاطفة فهو بحكم الضرورة قابل للتغيير، وفي الإمكان أن نرى في كل بيوت الفن - وفي الطبيعة تماثيل ودمى تحظى برضا الناس؛ ولكننا لن نرى مقياساً واحداً صحيحاً للجمال، لأن الذوق نفسه هو كالبراعة شيء مبتكر
فإذا كان الجمال يؤثر في شعورنا تأثيراً خفياً ويرسل فينا الراحة واللذة من حيث لا نشعر، فإن السمو ليبلونا باهتزاز عنيف قد يكون مضنياً ومرهقاً للنفس ولأن يكون ما يبعثه السمو في أنفسنا أدنى إلى عاطفة الإعجاب والاجلال منه إلى الراحة واللذة أحرى وأجدر، واسمه الحقيقي هو (اللذة السلبية)
ويفرق كانت بين السمو الرياضي والسمو الآلي (أو ذو الحركة) هذا مؤسس على فكرة القوة وذلك على فكرة العظمة والروعة، فالطبيعة هي سامية عالية - رياضياً - في حوادثها التي يصعب على مخيلاتنا إدراكها، وهي سامية أيضاً بحركات أجرامها الهائمة في