للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

للأستاذ عباس

اليوم خمر:

افتتحت الفرقة المصرية موسمها الحالي يوم السبت الماضي على مسرح الأوبرا الملكية، برواية (اليوم خمر) للأستاذ محمود تيمور بك، وقد أخرجها الأستاذ زكي طليمات المدير الفني للفرقة. وهي مسرحية (كوميدية) تصور حياة الشاعر امرئ القيس شابا لاهياً سادراً في لهوه وعبثه نزاعا إلى حياة الطلاقة والتحرر مما يعرض له من الأمور الجسام، حتى الحب الذي أثقله في النهاية بثلاث نساء، لم يستطع أن يواجهه ففر منه. . .

وتمازح عرض تلك الشخصية صور إنسانية وقيم أخلاقية واجتماعية وقضايا فكرية، تتخلل كل ذلك مفارقات وطرائف أضفت على جو المسرحي روحا فكها مرحا، جعلها ملهاة من الأدب الرفيع.

وقد قرأت هذه المسرحية عند ظهورها مطبوعة منذ شهور، ثم شاهدتها على المسرح، فلاحظت أن المخرج الأستاذ زكى طليمات تصرف فيها تصرفا غايته الاختصار لطولها، وتيسير بعض كلماتها توخيا للملاءمة بينها وبين الجمهور، فقد وضعها المؤلف لتكون أثراً أدبياً يقرأ قبل أي شيء، وقد جعل أسلوبها قريباً من عصرها ولم يبعد عن ذوق عصرنا، ومع هذا كان لابد من أن يصنع المخرج ما صنع، وهو مع ذلك لم يمس الأسلوب المتين والتركيب القوى. وقد بذل الأستاذ زكى طليمات من فن الإخراج في هذه المسرحية ما جعل الفن الرفيع يتعاون مع الأدب الرفيع، وما أظن هذا القول يتعارض مع ما سأتناوله بعد من الملاحظات والمآخذ.

تتكون المسرحية من خمسة مشاهد، نرى في الأول امرأ القيس وحاشيته من رفاق وخدم عند غدير دارة جلجل، يلهون ويقصفون ثم توافيهم هناك الجارية الجميلة (أقحوان) حيث تلتقي بامرئ القيس لأول مرة، وترقص أقحوان قربانا للصنم (هبل) الذي يتوسط المكان، ثم تأخذ هي وامرؤ القيس في مداعبة ومنازلة تنتهي بغضب أقحوان من امرئ القيس لانصرافه عن تقبيلها إلى إطراء عينيها ثم التوجه إلى مناجاة القمر في السماء، وتنصرف بعد أن تقول لرفاقه: إن صاحبكم ليتشدق بالطعن والضرب، آخذاً للحرب أهبتها في كل

<<  <  ج:
ص:  >  >>