للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[١١ - رحلة إلى الهند]

للدكتور عبد الوهاب عزام بك

عميد كلية الآداب

ضريح همايون

إلى الغرب والشمال من دلهي تقوم أبنية كثيرة هي بقايا الأحداث والغير من مقابر الملوك التيموريين. وأعظمهم تمثال المجد المائل على ضريح نصر الدين همايون.

همايون الملك الثاني من هذه الأسرة المجيدة العظيمة التي سيطرت على الهند قرونا. وهي سيرة عجيبة من الهمة التي تحقر الصعاب، والعزم الذي ينكر الاهوال، والامل الذي يكفر بالمستحيل.

أبوه ظهير الدين بابر ورث إمارة في سمرقند وفرغانة وهو صبي في الثانية عشرة. فلما غلب عليهما مد خطوب طويلة، وجه همته إلى أفغانستان ففتحها واستولى على بدخشان ثم كابل وقنهار ومدن أخرى. واستعاض عن الإمارة الصغيرة التي فقدها إمارة اعظم. وأحال الهزيمة انتصارا، وزوال الملك وسيلة إلى ملك اكبر، واليأس من سمرقند يقينا بفتح كابل. ثم وجه أمله وهمته وعزمه وعقله وعبقريته في السياسة والحرب، إلى الهند فلم يثبت لجيشه جيش، ولم يقم لدهائه دهاء، ولم يصد تدبيره تدبير. فامتد به الفتح شمالا وجنوبا.

ومات بابر بعد خمس سنوات من انتصاره الهائل في معركة باني بات التي فتحت له أبواب الهند، وما رسخت قواعد الملك، ولا اطأدت أساطين الدولة، بل ما قر نجاح الحروب، ولا فارق الأسماع صدى السلاح. فورث ملكه ابنه همايون وسنه تسع عشرة سنة. فاستأنف فتوح ابيه، ولكن شير شاه أمير بهار استطاع أن يصد السيل ثم يرده صوب الغرب شيئاً فشيئاً حتى اضطر همايون إلى السند. ثم أخرجه إلى إيران مغلوبا قد فقد ملك أبيه كله فعاذ بملوك الدولة الصفوية وبقى همايون خمس عشر سنة لاجئا لا ملك له ولا وطن.

ولكن العزيمة التي سخر بها بابر أفغانستان والهند ليفتحها ويسترد ملكه كأنه لم يغلب عليه، ولم يطرد منه، ولم يلبث خمسة عشر عاما بعيد عنه في حماية ملوك إيران، ففتح دهلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>