للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سنة ٩٦٢ بعد ثلاثين عاما من فتح بابر إياها. وبعد سنة مات همايون وسنه خمس وأربعون سنة.

بنى خزانة كتب عظيمة وصعد عليها يوما فزلت قدمه فسقط فمات. ومن العجيب أن تاريخ وفاته في هذه الجملة: (الملك همايون سقط من السطح) (همايون بادشاه آزبام أمتاد).

حزنت زوجه حميدة بانو بيكمم على زوجها بل ولهت فخرجت إلى الحج ورجعت مستصحبة مهرة البنائين والصناع لتبني لهمايون ضريحا يكافئ عظمته، ويمثل مكانته في قلبها، ويخلد ذكراه على الأرض. وبنت هذا الأثر الرائع. وهو أول نموذج لمقابر الملوك المغول التي افتتنوا فيما بعد حتى بلغ ذروته في تاج محل.

وفي جانب حديقة المقبرة دار خربه تسمى عرب سراي (دار العرب) يقال إنها كانت دار الصناع الذين قدموا مع السيدة من البلاد العربية.

كان هذا أول قبر على هذا الأسلوب في الهند. وأما بابر أبو همايون فلم يدفن في الهند بل قبره في كابل.

وقد حدثني الأديب الكبير سرور كويا أستاذ الأدب الفارسي في جامعة كابل - وقد سعدت بلقائه في إيران قبل ثلاث عشرة سنة وفي الهند هذا العام قال كنت في صحبة الشاعر العظيم الفيلسوف محمد إقبال حينما زار قبر بابر في كابل. فالتفت إلى قائلاً يا سرور أكتب وأملي علي هذين البيتين بالفارسية:

خوشا نصيب كه خاك تو آرسيد اينجا ... كه اين زمين ز طلسم فرنك آزاد ست

هزار مرتبه كابل خوش است ازدلي ... كه ابن عجوزة عروس هزار دامادست

وترجمتها:

طوبى لك إذ استراح ترابك هنا ... فهذه الأرض منزهة عن سحر الفرنج

إن كابل خير من دهلى ألف مرة ... فتلك العجوز عروس لألف زوج

والشطر الأخير شطر معروف لحافظ الشيرازي في وصف الدنيا.

ورحم الله إقبالا! كأنه رأى بظهر الغيب غدر هذه العجوز بالمسلمين. فهي اليوم تطردهم وتفتك بهم ولا ترعى عهدهم وقد سيطر عليها سلطان المسلمين ثمانية قرون عدلوا فيها واحسنوا ورحموا رعاياهم وتركوهم أحرارا فيما يدينون. فبقيت الكثرة لغير المسلمين في

<<  <  ج:
ص:  >  >>