للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حوريتي تَسأل. . .!

للأستاذ محمود حسن إسماعيل

(مهداة إلى شفتيها الطاهرتين)

قالَتْ: لَقَدْ غَربَ الشُّعَاعُ! فَقُلتُ: مَا ... غَربَتْ بَشاشَتُهُ وأَنْتِ بِجَانِبي!

قالَتْ: وَكَيْفَ؟ فقُلْتُ: أَنْتِ شُعَاعَةٌ ... بَيْضاءُ في قَدَحِ المْسَاءِ الذَّائِبِ

تَفْنَى الأَشِعَّةُ والْعَوَالِمُ خَلْفَهاَ ... وسَناكِ يُشْرِقُ في قَتاَم غَياهِبي

أَنْوَارُ حُبِّك خَالِدَاتٌ في دَمي ... غَمَرَتْ لَديَّ مَسالِكي ومَذاهِبي

بِسِواكِ لا تَزِنُ الْوُجُودَ بَصِيرتي ... إِلاّ بوَهْمٍ في الْجَوَانِح سَارِبِ

لا تَنْدُبي شَمْسَ النَّهاَرِ، فَطالَما ... دَارَتْ رَحاها فِي الضُّحَى بِمَصائِبي

طَلَعَتْ عَلَيَّ فما لَمَحْتُ لَها سَناً ... في الأَرْضِ تَرْفُهُ في يَدَيْهِ مَتاعِبِي

النَّاسُ حَوْلِيَ أَنْفُسٌ مَطْمُورَةٌ ... في بَهْرَجٍ دَنِسِ السَّرِيرَةِ كاذِبِ

أَشْبَاحُهُمْ سَقَطُ الْقُبُورِ، وَطَيْفُهُمْ - ... قَدَّسْتُ طَرْفَكِ عَنْهُ - بُومُ خَرَائِبِ

هَيَّا اتْرُكي عَنْهاَ الْحَدِيثَ، فَإِنَّنِي ... عَنْ دَهْرِها لَسْتُ الْغَدَاةَ بِعاتِبِ

عَمْياَءُ كابْنِ الطِّينِ تَخْبِطُ مِثْلَهُ ... خَبْطَ الْمُحَيَّرِ في هَجِيرِ سَباسِبِ

مَالَتْ وَحاديِها الظّلاَمُ لِشَاطئٍ ... في الْغَرْبِ مِنْ جُرْحِ الْمَطَامِعِ خَاضِبِ

مَرَّتْ جِنَازَتُهاَ بَطَرَفَيِ مِثْلَماَ ... إِثْمٌ يَمُرُّ عَلَى ضَمِيرِ الرَّاهِبِ. . .

نَسَّانِيَ الدُّنْياَ جَبِينُكِ فَاسْكُبِي ... قَبساً أَعَزَّ من الشُّعاعِ الْغارِبِ

أَيَّامِيَ احْتُضِرَتْ فَيا وَيْلي إِذا ... لَمْ يحْبِهاَ نُورُ الْجَبِينِ الْغاَئِبِ

قَالَتْ: وَمَا لِلنِّيلِ يُشْبِهُ سَاجِداً ... نَسِيَ الصَّلاَةَ وَلَجَّ في اسْتِغْفاَرِهِ؟

قُلْتُ: ارْقُبِيهِ، لَعَلَّ مَوْجَةَ شَطِّهِ ... تُنْبِيكِ دُونَ النَّاسِ عَنْ أَسْرَارِهِ

هُوَ شَاعِرٌ مِثْلِي رَآكِ فَرَقَّ لِي ... وَأّذَابَ هذا السِّحْر مِنْ أَوْتاَرِهِ

وأعانَ مِزْهَرِيَ الْجَرِيحَ عَلَى الْهَوَى ... وَشَدا بِلَوْعَتِهِ عَلَيْكِ وَناَرِهِ

وَمَضَى يُغَمْغِمُ فِي الضِّفاَفِ، وَفِتْنَتِي ... وصَبابَتي تَنْسَابُ في تَيَّارِهِ!

قَالَتْ: كَآباتُ الْمسَاءِ أَهَجْنَنِي! ... قُمْ هُزَّ مِنْ فَجْرِ الْخَيالِ صَبَابَتي

هاتِ اسْقِني نَغَمَ الصَّبَاحِ لَعَلّنِي ... أَنسَي عَلَى شَفَةِ الْمسَاءِ كَآبَتِي!

<<  <  ج:
ص:  >  >>