للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من ذكريات الشباب]

سقط بعض السطور من مقدمة القصة الثانية (اجترار)

المنشورة في العدد الماضي للأستاذ حبيب الزحلاوي فرأينا

إعادة نشرها.

(حكايتي أيها الأصدقاء تدور حول الأثر الذي تركته حوادث الجهاد الوطني في نفسي، لا حول أبلغ حادث حدث لي:

كنت أتوقع عندما عينت ضابطاً في الجيش أن ألقى مشاكسة من زملائي الفرنسيين وتعالياً على الضابط (العربي)، فوطدت النفس على التمسك بالكرامة مع السلاسة واللطف.

نجحت بعض النجاح في السير على منهاجي، وكنت أفشل في قطع ألسنة أولئك الضباط عن القدح في قومي وسب (السوريين القذرين)، ولاسيما حينما كانت تضمنا مائدة شراب، ولم يكن يند عنهم إلا ضابط من رتبتي كان يقف دائماً في وجه أولئك القادحين، فيصدهم عن المضي في طعن الأمة العربية إكراماً لي: (أنا زميلهم الضابط الكيس وللخلصاء الذين عرفناهم من السوريين). فكان أولئك الضابط الأجلاف ينحرفون عن الموضوع، ناسبين ذلك إلى ما يلاقون من الشعب من كراهية وبغض، وكان ذلك الضابط - نضر الله وجهه - يدافع عن حق السوريين، وينعت حكام قومه بالطيش والهوج في مد حكمهم وبسط سلطانهم على شعب لا تنقصه خصيصة من خصائص الاستقلال، ولا تحوجه الدراية بتحمل المسؤولية الاجتماعية، ولا الوعي القومي، فقد استمد مزاياه من تاريخه العربي ومن الانقلابات التي تأثر بها في مطلع هذا القرن، وكان يقول:

(لقد أيقضنا نحن الفرنسيين نفوس الشعب السوري ذاته بتلقينه في مدارسنا مبادئ ثورتنا للحرية والمساواة وتعاليمنا فن الحياة، وكان يساير زملاءه في الطعن على الدهماء في كل الأمم، لأنهم يتساوون والسوائم في إرضاء شهواتهم وتسكين معدهم، ولا فرق في طوائف العامة بين شرقي وغربي وبين ألوان وأجناس. وكان كلام ذلك الضابط الأريب يشجعني على إبراز فضائل قومي الأصلية والمكتسبة، وعلى إبداء الرأي أيضاً في الوسائل التي قد تقرب بين الحاكم والمحكوم) اشتعلت نار الثورة في جبل الدروز، وسرعان ما امتدت

<<  <  ج:
ص:  >  >>