للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

غرامي الأول:

لذة الحب لحظة. .

للكاتب الفرنسي موريس دوناي

ترجمة المرحوم الأستاذ يونس السبعاوي

سأحدثكم عن حبي في أيام شبابي منذ نصف قرن مضى. ومالي لا أعيد تلك الصفحات وأنا أرى هذا الشباب الجديد سابحاً في عالم بعيد عن الشعر والخيال؟. . .

ومن حقه أن يكون كما تراه، فهو في زمن أزمات وضيق سدت في وجهه أبواب الأمل ونشرت على خطواته ظلام اليأس فلم يأمن على المستقبل ولم يطمئن إلى الغد.

منذ نصف قرن مضى كان العهد عهد خيال، وكان للنساء في أفكارنا وتصوراتنا مقام غير مقامهن في هذه الأيام، ولقد قرأنا الكثير من روايات الغرام، وكان أدبنا كما قال عنه (بركسون) شواني الاتجاه. فلا تقرأ فيه إلا ما يحدثك عن الحب والنساء.

عرفت إنجيل فكانت يوم عرفتها فتاة في الثامنة عشرة ولكنها جمعت نضوج النساء ودل وضعها على أن لها ماضياً ما حاولت أن أسألها عنه. وكانت تعمل في أحد محال الأزياء وتعيش مع أبوين فقيرين من عامة الناس. ولقد طالما سألت نفسي كيف استطاع هذان الأبوان البسيطان أن يلدا هذه الحسناء البارعة الجمال! فقد كانت تمثل في امتشاق قامتها واعتدال جسمها واتساق حركاتها نضرة الربيع فتفتن الناظرين بيدين ورجلين طويلة ناعمة وبشعر أصفر ذهبي وأنف صغير وعينين كبيرتين.

رأيتها لأول مرة في ثوب فتان وتحدثت إليها فلم أر منها ازوراراً عن أحاديث الأدب، وهي وإن لم تكن بارعة الثقافة فإن لها إلماماً بكل ما يتيسر لواحدة من طبقتها من العلوم. فكنت أنظم فيها الشعر فتقرأه وتلحن، وماذا يضيرني أن تلحن إنجيل وهناك كثير من الفتيات يقرأن الشعر أحسن قراءة فلا يجدن من يقول فيهن شعراً! وكانت تهوى الفن وملاعب الفنانين وتحب الموسيقى والشعر والرسم فتحب معها الموسيقيين والشعراء والرسامين، ولكنها تفضل الأخيرين لأن هذه الحسناء المفتونة بحسنها يعجبها أن ترى

<<  <  ج:
ص:  >  >>