والتفت الملك إلى فلوريزبل يقول:(مرحباً بك يا ابن اعز الأحباب وأوفى الأصدقاء! لقد فقدت محبة أبيك الذي أهفو إليه وأحن له، وبنفسي ما ألقى من الشوق للقائه! ولكن. . . بحسبي أن أنظر إليك فكأنما أنظر إليه. . . وبحسبي أن انظر إلى الأميرة الجميلة، فكأنما أنظر إلى هرميون!
- ومن هرميون يا مولاي؟
- هرميون! ويلاه عليّ! إنها زوجتي المغفور لها يا بني! لقد ماتت منذ ست عشرة سنة. . . وفقدت كل شئ بموتها! حتى ابنتي الوحيدة التي لا أعلم أين تعيش اليوم إن كانت ما تزال حية! آه يا هرميون! لشد ما تشبهك هذه الأميرة الصغيرة! ولشد ما تنطبق صورتها على صورتك في ذهني المعذب بذكراك! آه يا بُنيتي! أين أنت اليوم لأفتديك بملكي ونفسي!)
ثم انحدرت عبرات من عينِي الملك، فازدحمت الآلام في قلب الراعي، وتأكد أن ابنة الملك هي برديتا الحبيبة التي وجدها في الغابة؛ ثم جعل يستعرض براهينه، فذكر الجواهر التي كانت الواحدة منها تشري له قطيعاً بأكمله، وأيقن أنها لا تكون إلا مما يقتني الملوك. . . ثم ذكر ما هو مكتوب في الورقة فلم يزده إلا ثقة في حقيقة ما حدس. . .
وتقدم الراعي إلى الملك واستأذنه في الحديث فأذن له، فأخذ يسرد قصة برديتا كيف تركها رجل في ظل دوحة على الشاطئ البويهيمي، وكيف قتل الدب هذا الرجل واغتذى به، ثم كيف سمع الطفلة تبكي وتئن من البرد والجوع، وما كان من ذهابه بها إلى زوجته، وما وجده في ثيابها من الجواهر واللآلئ وغالي الحلي، وما وجده مكتوباً في ورقة مثبتة في صدرها بدبوس