حمد الناس للرسالة الغراء جميل وفائها لصديقها المغفورة له (مصطفى صادق الرافعي) وشكروا لها احتفاءها بذكراه الثالثة فكتبت بمناسبتها ما كتبت، ولا ريب في أن صنيعها هذا مع إمام من أئمة الأدب إنما هو وفاء للأدب الذي وقفت نفسها على حياطته والقيام عليه
ولقد كان مما كتب في هذه الذكرى مقال بليغ لصديقنا الأستاذ سعيد العريان كان مما جاء فيه أنه قال عن طريقة الرافعي في تأليف مقالاته ما وسعه أن يعرفه، وأن ذلك مبين في كتاب (حياة الرافعي) وفي الحق أن ما ذكره صديقنا سعيد صحيح لا ريب فيه، ولكن ذلك لم يكن شأن شيخنا الرافعي من يوم أن أمسك القلم للكتابة؛ وإنما كان ذلك في منتصف سنة ١٩٣٢ فحسب، ذلك أنه لما كتب مقال (فلسفة الأدب) في صيف هذا العام أخذ يسأل أهل البصر بالأدب عن قيمة هذا المقال وبالغ في السؤال، ولما سألته عن سر اهتمامه بمعرفة آراء الأدباء فيه أجابني بخطاب تاريخه ٢٦ يولية سنة ١٩٣٢ قال:
(إنما اهتممت بمعرفة الرأي في مقال فلسفة الأدب لأني كتبته بطريقة لم تتفق لي من قبل في غيره، فإني لما أردت كتابته بعد كتابة فصل ابن الرومي انتكست فجعلت أدون ما خطر لي وقتاً بعد وقت ثم أخرجت المقالة من هذه الخواطر واختصرت كثيراً ولم أزد شيئاً. وهذه هي الطريقة التي يكتب بها كبار العلماء في أوربا، ولكن الوقت يسمعهم ولا يسعنا)
من ذلك يتبين أن الطريقة التي بينها صديقنا الأستاذ سعيد في كتابه (حياة الرافعي) عن كتابة الرافعي لمقالاته إنما كانت في صيف سنة ١٩٣٢ فحسب، وكان مقال (فلسفة الأدب) أول ما كتبه بهذه الطريقة
ولقد رأيت بمناسبة القول في طريقة كتابة شيخنا الرافعي وأسلوبه أن أوافي قراء الرسالة بما قاله هو عن أسلوبه عندما سأله العالم الجليل يعقوب صروف: لم لا يكتب بلغة سهلة يفهمها كل الناس كما كتب في (تاريخ آداب العرب)
(. . . تمنيتم لو جريت في إنشائي كله مجرى أسلوبي في (تاريخ آداب العرب) ومقالاتي الأخرى، ولوددت والله أن أرفه عن نفسي، وأطرح عني الكد فيما عالجته من أسلوب: حديث القمر والمساكين ورسائل الأحزان والسحاب الأحمر؛ ولكني أجدني كالمسخر في