فإذا طرحنا النظر في منهج التعليم الابتدائي ألفيناه مؤلفا من: قواعد، وإنشاء، ومحفوظات، وإملاء، وخط. وبنظرة فاحصة في كل فرع من هذه، تنثال علينا مثالب لا نجد إلى ردها سبيلا. ولنتعقبها فرعا فرعا لعلنا نجد من تكشيف هذه العيوب سبيلا إلى الإصلاح، وعونا على العلاج.
فأما القواعد، فقد وضعت الوزارة بين أيدي تلاميذ السنة النهائية كتابا ضاق غلافه - على سعته - بأسماء المؤلفين والمراجعين، ومع هذا فقد خرج الكتاب غير مناسب لروح التطور التربيبي، فهو يعقد الباب بعنوان، ثم يجري وراء الأمثلة فيجمعها من كل طريق، مثال من الصحراء، وآخر من السماء، وثالث من الحيوان، غير مراع نسقا خاصا، ولا حافل بانسجام، ثم يناقش الأمثلة أو بعضها ويخلص إلى القاعدة.
وقد كان هذا كافيا وجميلا في وقت ما، أما اليوم فلا كفاية فيه ولا جمال، ذلك بأن التلميذ يتلقى القواعد تلقيا جافا لا روح فيه فيمجها ويملها، وقد درسنا ولا زال المربون يدرسون أن التربية الصحيحة تملى أن يكون درس القواعد بسبب من الإنشاء وان تكون الأمثلة مرتبطة موضوعا، أو شبه موضوع، يقوم في ذهن التلميذ ويتحيز، ويدرك منه أن هناك رباطا وثيقا بين هذه وتلك، ويفيد من ذلك ترابط المعلومات وتغذية ملكة الإنشاء وطرافة العرض، ومن ثم فنستطيع أن نقول إن الأسلوب الذي اتخذه الكتاب أسلوب لا يسد الحاجة، ولا يسير طويلا في طريق التربية الحديثة، ولا يساعد على تغذية وتنمية ملكة الإنشاء، ويضرب في الجفاف والعقم إلى حد بعيد.
فإذا ما ضربنا عن الأسلوب صفحا، ورحنا نبحث في ترتيب المعلومات وتبويبها، ألفينا الجناية الكبرى التي لا تخص مرحلة دون مرحلة ولا جيل دون جيل - ذلك بان القوم في الأزهر ودار العلوم داروا حول كتاب واحد لا يجدون عنه حولا، هو ألفية ابن مالك، فهم