للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[لا تخافوا (الأخوان) لأنهم يخافون الله]

أحمد حسن الزيات

الفكر واللغة

للأستاذ الدكتور إبراهيم بيومي مدكور بك

عضو مجمع فؤاد الأول للغة العربية

اللغة ابتكار من إبداع ما وصل إليه الإنسان، وأداة تمتاز بكثير من الإتقان والأحكام، ووسيلة ناجحة من وسائل الترابط والتفاهم بين الأفراد والجماعات. وهي ظاهرة متشعبة النواحي والأطراف قد أثارت ألواناً شتى من البحث والدراسة. وإذا تركنا جانباً ما يتصل بها من دراسات أدبية ونحوية وصرفية، فإنها وجهت إلى بحوث أخرى متعددة.

فعرض لها علماء وظائف الأعضاء ليعرفوا كيف تؤدى، ويبينوا أعضاء النطق والصوت، ويوسعوا في اختصار الجهاز العضوي للغة. وعالجها علماء النفس لما رأوا من صلة وثيقة بين العمل الذهني والدلالات اللغوية. وعنى بها علماء الإجتماع مبينين نشأنها وتطورها، ومقارنين بين اللغات البدائية واللغات المتحضرة، ومعلنين أن اللغة ظاهرة إجتماعية تخضع لما تخضع له الظواهر الاجتماعية من عوامل ومؤثرات، ونظر إلى اللغة أخيراً على أنها جزء من التأريخ يسجل الماضي، ويحكى الأحداث، بل هي نفسها قطعة تاريخية متحركة يجب دراستها وبحث معالمها.

ودون أن نعرض لهذه النواحي المتعددة، نود فقط أن نوجه النظر إلى ما بين الفكر واللغة من صلة. وفي هذه الصلة ما يلقي كثيراً من الضوء على مناقشاتنا وعملنا المجمعي، وخاصة فيما يتصل بالمصطلحات ووضعها، والمترادفات وقيمتها، وألفاظ الحضارة وتجددها، والتعبيرات المبتكرة ومدى الحاجة إليها.

ولا شك في أن المعنى وثيق الصلة باللفظ الذي يؤديه، لأنه ثوبه ووعاؤه، وبدونه يضل ويصبح كأن لا وجود له. فلا يمكن تبادله بين الأفراد، بل ولا استحضاره في ذهن الفرد الواحد. وقديما قالوا: التفكير حديث نفسي. ومن هنا ارتبط التفكير باللغة، وبالأخص في صوره السامية كالحكم والاستدلال.

<<  <  ج:
ص:  >  >>