قضيت الأسبوع الماضي وبعض هذا الأسبوع، حبيس الدار لرمد في عيني، وما أريد أن أتحدث عن مرضي وما نالني منه، إن أريد إلا أن أطلق بخار الطاقة المحبوس في نفسي، فقد كنت طيلة هذه المدة كالجواد العربي الذي شد لجامه وهو يعلكه. . يريد أن ينطلق. . أريد أن أعدو وأروح وأذهب وأجيء وأقرأ وأكتب فمالي عيش بغير هذا، ولن يطيب لي القعود.
وكان أكبر أسفي لتلك الحبسة أن منعتني من المشاركة في ذلك النشاط العربي الذي دب في نواح من القاهرة، في جمعية الوحدة العربية، وفي الاتحاد العربي، وقد تلقيت دعوتين كريمتين، الأولى من (جمعية الوحدة العربية) لسماع المحاضرة التي ألقاها في نادي الجمعية يوم الخميس الماضي الأستاذ محمد توفيق دياب بك عن (التربية الوطنية في العالم العربي) والثانية من (الاتحاد العربي) لسماع محاضرة الأستاذ أحمد رمزي بك عن (العلاقات الاقتصادية بين البلاد العربية).
كنت أود أن أذهب لأسمع، ثم آتي لألخص هنا ما سمعت، وقد أعقب عليه وأضيف إليه ما يعن لي في هذه المشاكل التي تشغل منا القلوب والخواطر. ولكن، إن كنت قد تألمت من القعود عن ذلك، فقد سرني بعض ما نشر عنه من ذلك الذي كان يقرأ لي. . وذلك ما حدث في جمعية الوحدة العربية عقب محاضرة الأستاذ توفيق دياب بك، إذ وقف الأستاذ أسعد داغر السكرتير العام للجمعية، فقال: تلقيت من بضعة أيام الرسالة التالية من أحد الوطنيين العرب أقتطف منها ما يأتي: (كان لحديثكم بشأن المشروع الجديد لإنشاء جريدة كبرى تكون صوتاً للبعث العربي، صدى عظيم في نفسي، لأن هذا الصوت العربي الجديد لا قبل أن ينام على الضيم، العربي الذي يشعر بألم الطعنة التي أصابته في عزته وكرامته يحاول الآن أن ينهض ليستعيد قوته الكاملة ويسترد مجده المسلوب. تجدون طيه شيكاً بمبلغ عشرة آلاف جنيه، وسأقدم لكم خلال الأسابيع المقبلة مبلغاً آخر مثله أو أكثر إذا لزم، وقد أحببت أن أترك لغيري من المخلصين الفرصة لنيل شرف المساهمة في هذا المشروع الجليل).