للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

للأستاذ عباس خضر

رفاعة فرنسية جديدة

كان الفرنسيون قد قالوا: إن الأنباء التي نشرتها الصحف المصرية عن حوادث مراكش الأخيرة غير صحيحة، وإن حملة الصحافة المصرية على فرنسا معتسفة ومتعسفة، وراحوا يلقون علينا دروسا في أصول المهنة التي تتطلب تحري الحقائق واستقاءها من مصادرها، واقترحوا على نقابة الصحفيين المصريين أن تبعث وفدا منها إلى مراكش للوقوف على حقيقة الحال هناك. وكان هذا الاقتراح مدهشا. . . فليس مثل هذا التسامح معهودا من فرنسا في المغرب، إذ جرى عمالها هناك على منع أشعة المشرق من النفوذ إليه، حتى لا تقتل جراثيم الاستعمار. .

ومع ذلك فقد قابلت النقابة الاقتراح بالترحيب، إما بسلامة نية، وإما متابعة للكاذب إلى داره. . . وسافرت البعثة الصحفية المصرية إلى المغرب، وبلغت طنجة، فلما أرادت دخول مراكش تلبية لدعوة الفرنسيين منعها الفرنسيون! ألغى وزير فرنسا في طنجة إجازة (تأشيرة) وزير فرنسا في مصر. . . وهذا يذكرنا بالنادرة التي تروى عن عمدة بخيل يستقبل زواره بالترحيب ثم ينادي الخادم قائلا في صوت جهوري: (قهوة يا ولد) وهو يرفع يده مشيرا بإصبعه إشارة أفقية يفهم منها الخادم أن لا قهوة. . . فالوزير الفرنسي يوافق على دخول الصحفيين المصريين مراكش وكأنه يشير إلى زميله في طنجة أن لا دخول. . .

وليس منع الفرنسيين هذه البعثة وأمثالها غريبا، بل الغريب أن يسمحوا لها بدخول تلك البلاد المنكوبة بهم، ولا بد أن تسأل بعد ذلك: أين (الرقاعة) في ذلك التصرف ما دام طبيعيا لا غرابة فيه؟ الرقاعة - أو لا وكما قلت من قبل - فن يجيده الفرنسيون، والإبداع الفني أو (الإشراق الرقاعي) في هذا الموضوع، هو أن الفرنسيين هم الذين طلبوا سفر البعثة وهم الذين منعوها! وغيرهم يستطيع أن يطلب فقط أو يمنع فقط، أما عبقرية الرقاعة التي تجمع بين الأمرين فهي مقصودة على الفرنسيين.

(كوكتيل) باكستاني

<<  <  ج:
ص:  >  >>