إن أكثر الشرائع الأوربية الحديثة لا تحمل الطفل تبعة ما، لكن بعضها لا يبرئه منها، وقد تختلف باختلاف رقي المجتمع ورفعة البيئة وتتباين بتباين التقاليد والعادات. ففي إنجلترا وروسيا مثلاً لا يؤخذ الطفل بالتبعة إن أقدم على جريمة ما حتى العام السابع من عمره، والسنة الرابعة عشرة في مقاطعتي (فو السويسرية وفالوا الفرنسية، والسادسة عشرة في بلجيكا. أما في فرنسا عام ١٨١٠ فقد حددت التبعة حتى السادسة عشرة، وأدخل عليها بعد ذلك تعديل آخر إلى أن تدنت إلى السابعة أو الثامنة ثم عدلها مجلس الأمة الفرنسي إلى العام الثالث عشر
والشرائع الإنكليزية الحديثة لها نصيبها في إقرار هذه التبعة على الطفل، وإن قبلت الحكومة - تحت تأثير الرأي العام وبعض أصحاب الضمائر الحية من القضاة - مبدأ إعفائه منها إعفاء جزئياً أو كلياً أو تعديلها تعديلاً يتلاءم مع الحياة الاجتماعية الإنكليزية، إلا أنها أبقتها كمبدأ قد يعمل به من حين آخر. ففي عام ١٤٥٧ أخذ وليد له من العمر أربع سنوات بجريمة قتل، وحكم على مراهق لم يتجاوز الاثنتي عشرة سنة بجريمة أيضاً، وفتاة لم تشرف على ربيعها الثامن أخذت بالتبعة لإشعالها النار في مسكن
على أن بعض الشرائع تحتم على الولد نفسه، دون غيره، أن يتحمل تبعة عمله، والبعض الآخر تحمله وتحمل أسرته معاً؛ وفي كلتا الحالتين لا ينجو الولد منها وإن كانت التبعة في الثانية أخف وطأة عليه من الأولى
أما في العهد القديم فالقانون الصيني لم يخل من تشريع غريب في صدد هذه التبعة يتنافى مع التبعات الأخرى في المجتمعات الثانية؛ فالولد الذي يرتكب إثماً أو جرماً ولم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره - مثله مثل رجل جاوز السبعين من سنيه، أو شيخ فقد عيناً واحدة أو ذراعاً واحدة - يتمكن أن يستبدل المال بالإعدام إذا كانت الجناية ليست بذات