عندما كتب الدكتور بشر فارس كلمته الأولى في (الرسالة) عن دراستي عن (توفيق الحكيم) لم أكن راغباً من ردّي عليه إلا في فتح باب المناقشة بيني وبينه في مسائل دقيقة استوقفت نظري في مقاله يتصل بعضها بصميم الأدب الحديث ومناهج البحث والتحقيق، ويتصل بعضها الآخر ببعض الدقائق في الشؤون الفلسفية التي تدور حول فكرة ارتباط الزمان بالتاريخ والرغبة بالشهوة. كذلك لم أكن قاصداً بنقدي الذي نشرته لي (الرسالة) لكتاب (مباحث عربية) الذي أخرجه للناس أخيراًالدكتور بشر إلا التمحيص العلمي لوجه الحقيقة. ومن هنا جاء ما في ردي عليه ونقدي له من (التدقيق والمراجعة في بذل الملاحظات)، كما لاحظ الجميع. وأما صديقي بشر فارس، فقد آثر أن يدبر المناقشة معي حول المناحي الشكلية. ومن هنا وقف من ردِّنا على كلمة، ومن نقدنا لكتابه في الخارج - كما يقول العلماء - يطوف حول كلامي دون أن ينزل إلى تفاصيله ويناقش ملاحظاتي في صميمها. ومن هنا جاء أيضاً ما عبته على الصديق بشر من (أنه لا يصلح كاتباً ناقداً إلا في المواضيع التي يديرها في ذهنه ويستقصيها على أوجهها بالبحث والتمحيص). غير أنه يظهر أن ما قلته في صاحبي لم يرضه، وجعله يظن متوهماً أننا نداوره ونحاوره فذهب يغمرنا من كل جنب. ولاعتقادي بطيبة سريرة صاحبي، فإنني غير محتاج للتعليق على هذه الفراسة التي بدرت من قلمه (إننا صفينا الحساب فيما بيننا قبل سفره) وحسبي هنا مناقشة كلامه فيما يتعلق بدراستي عن (توفيق الحكيم) على أن أعود لمناقشة ما أثاره حول نقدي لكتابه (مباحث عربية) قريباً بعد صدور مقتطف أغسطس، ومناقشة ما كتب وعلق به على نقدي
١ - أدار الدكتور بشر فارس موضوع المناقشة في رده الذي جاء بالعدد ٣١٢ بالرسالة حول افتراض اقتباسي لبعض تعبيراته ومنها تعبير (جملة صلات اجتماعية) وما ينظر إليه