وإذا أردنا أن نسجل هنا كل ما في معبد بارتنون من عجائب الفن وآياته، فإننا نحتاج إلى أعداد كاملة من (الرسالة)، ولكنا نقتصر على وصف أهم ما فيه مما يستطيع غير المشتغل بعلم الآثار أو بتاريخ الفن تفهمه وتذوقه
فالمثلثان المصوران بين السقف الجمالوني وأفريز المعبد من ولجهتيه حيث المدخل المؤدي للهيكل، اشتملا كما سبق القول على منحوتات غاية في الإبداع الفني وجمال الإنشاء المجموعي، كلها من خلق الفنان فيدياس.
وترى في (ش١) مجموعة منحوتات أحد المثالين، نقلها العلامة كاري عن الأصل بتصرف قليل أضطر إليه، وهي كما يتضح بالنظر إليها مبتورة الأجزاء، ومعظم هذه القطع موجود في المتحف البريطاني وبمتحف أثينا.
والصورة (ش٢) تبين امرأتين جالستين، إحداهما قد اضطجعت مستندة إلى صدر الأخرى وواضعة يمناها على فخذها، على حين ترى ساقي الثانية كادا يلتصقان بالفخذين حتى يكون بذلك إخراجهما طبيعياً إلى أبعد حد.
والبناء العام لجسميهما مثل عال من أمثلة تناسب الأعضاء؛ وإذا رجعنا إلى أصول وقواعد النحت، نجد أن فيدياس من أقدم مؤسسي هذه الأصول والقواعد، كما يتضح هذا من منحوتاته، التي ترى الوحي فيها خارجاً عن دائرة حاجات النفس المادية، بل إنك إذا تفرغت بها للاستمتاع الذوقي ترى أنها تعرج بك إلى ملكوت الخيال السامي
ومهما وصفنا قطع فيدياس فأننا لا نزال نقصر عن وصف ما جال بخاطره عند نحتها الذي عبر به عن ثورة فنية رائعة تكاد تكون خارقة للمعقول، إذا علمنا أنها نحتت من الرخام في القرن الخامس قبل المسيح.
ولعل تمثال أثينا بارتنوس المصنوع من الرخام أيضاً (ش٢) يعطينا فكرة عن تمثال أثينا