للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الغلاف ذو الأختام الحمر

للكاتب الفرنسي موريس ليبلاق

بقلم الدكتور محمد غلاب

في مساء اليوم الخامس والعشرين بعد وفاة (جاكيلين) أنس زوجها (جيوم) من نفسه الشجاعة على دخول غرفة تلك التي أحبها حبا شديد العمق خصب السعادة.

وكان يريد أن يتنسم على الأخص عطر الماضي بقراءة تلك الرسائل التي كتبها هو إليها في الأوقات التي كانت الحياة فيها ترغمهما على مفارقات قاسية. وكانت (جاكيلين) تحفظ كل رسائلها في علبة من الأبنوس المطعم بالصدف لا يفارقها مفتاحها أبدا. فلما فتح هذه العلبة ألفى بها عدة حزم من الرسائل مربوطة بأشرطة مختلفة الألوان، ووجد على كل جزمه علامة تميزها من غيرها وتعين عصرها، فعلى إحداها مثلا كتبت (جيوم في الجزائر) وعلى الثانية (جيوم في الجيش) وهكذا، وكانت تحت هذه الحزم كراسة معروفة تماما لجيوم، وهي نوع من اليوميات التي كانت (جاكيلين) تقيد فيها إحساسهما المشترك، ومسراتهما وأحزانهما.

غير أن جيوم حين أخرج هذه الكراسة زحزح قطعة من القطيفة كانت تغطي قاع العلبة، فلما رفع هذه القطعة دهش كل الدهش إذ ألفى تحتها غلافا أصفر مختوما بخمسة أختام حمر وكأنه يحتوي على كمية من الأوراق.

فلما نظر إلى هذا الغلاف عرف خط زوجته وقرأ عليه هذه الجملة: (يسلم بعد موتي إلى صديقتي هانرييت ديسيز).

لم يتردد جيوم ثانية في فتحه، فمع أنه حميد الأخلاق إلى حد بعيد، وبرغم أنه طول حياة جاكيلين لم يفتح قط رسالة موجهة إليها فإنه بحركة فجائية وبدون تردد، وبدافع غريزة تغلبت فيه على كل شي قد فض الأختام ومزق الغلاف.

إنها رسائل، ورسائل رجل.

تناول إحداها بيد مرتعشة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>