للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحيوان يتخاطب ويغازل ويحلم]

للأستاذ أحمد علي الشحات

لو أنك سرت في مجال الطبيعة تتأمل ودلفت إلى مجموعة من الأشجار الباسقة لراعتك الطيور وهي أزواجاً أزواجا تغني ألحان غرامها، وينصت بعضها إلى بعض على أفنانها. ولو أنك انتقلت من عالم الفكر وسألت أحداً من أهل الذكر: هل للطيور لغة تتخاطب بها وإن لم ندرك كنهها، وإن كانت لها لغة فهل ما نسميه منها من شدو مروي ورجع محكي هو الغزل، وإن كان هناك غزل في الطيور فهل عند سائر الحيوانات غزل؟ لأجابك عالم ممن درسوا طبائع الحيوانات أن لها لغة تتعارف بها، وأن بين الجنسين غزلاً. فأما لغة الحيوانات فقد نسمع بعضها وقد لا نسمع، وتتمثل لك لغة الحيوان بالأصوات المتباينة التي تصدر من الحيوانات حين تعبر عن شعور خاص كرغبتها في الأكل أو خوفها من عدو يهاجمها أو حين تغضب، ويتمثل لك ذلك في الكلب والقط مثلاً، كما يتمثل لك استدعاء الجنس للجنس الآخر في نعيق الضفادع الذي لا يصدر منها إلا في موسم التناسل وحين الرغبة في الإخصاب، وقد أثبت العالم ج. أرثر طومسون من علماء الحيوان أن عند بعض الحيوانات لغة للتفاهم وإن لم تكن بالنطق فهي بالحركات، فقد استنتج أن العناكب تتخاطب باهتزاز الخيوط التي تفرزها والتي تكون منها بيوتها، كما أن النحلة إذا عثرت على رحيق شهي في بعض الأزهار ذهبت تبشر زميلاتها في الخلية بذلك برقصات مخصوصة فتسرع إليها تأخذ نصيبها.

وهناك بعض الطيور كالببغاء والزرزور، وهو طائر يعيش في مصر والشام على شجر التوت، تستطيع أن تنطق ببعض الألفاظ التي نلقنها إياها، ولكن هل تنطقها عن إدراك، وهل تستطيع أن تنطق بجملة بمحض تفكيرها؟ هذا ما نشك فيه، وأغلب الظن أن هذه الطيور (عقلها في أذنيها)، ولكن لما كان في استطاعة مثل هذين الطائرين النطق بألفاظنا فلقد حدا هذا بالعالم يركس أن يحاول تجربة ما إذا كان في استطاعة الحيوانات التي في المرتبة العليا بعد الإنسان أن تتعلم النطق، بألفاظنا، فأجرى تجاربه على الشمبانزي لأنه أيضاً قد حيته الطبيعة جهازاً صوتياً يماثل جهاز الإنسان من حيث الحنجرة والحبال الصوتية، وكذلك لقدرته المشهود بها على التفكير؛ فكان إذا أراد أن يطعمه نطق بلفظ بسيط

<<  <  ج:
ص:  >  >>