للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٣ - لوكريسيا بورجيا]

صور من عصر الأحياء

للأستاذ محمد عبد الله عنان

وينكر بعض الباحثين المحدثين هذه الروايات المثيرة، ولا يرون فيها سوى حديث خرافة أو على الأقل أحاديث مغرقة لا تؤيدها أدلة مقنعة؛ ويستبعدون بالأخص أن تمثل لوكريسيا بورجيا في مثل هذه الحفلات العاصفة الشائنة إلى جانب أبيها وأخيها

ولكن الرأي الغالب يميل إلى الاتهام؛ ويرى في أقوال بوركارت ما يؤيد تهمة مخزية أخرى تنسب إلى لوكريسيا هي عشرة المحرم التي أشرنا إليها؛ والتي تزعم أنها كانت خليلة أبيها، خليلة اخوتها

وإليك واقعة خطيرة يستشهد بها الاتهام. في أول سبتمبر سنة ١٥٠١، أصدر البابا اسكندر السادس مرسومين مازالا يحفظان حتى اليوم في محفوظات مودينا؛ في أولهما يعلن البابا بأن أبنه شيزاري قد رزق غلاماً غير شرعي يدعى جوفاني في نحو الثالثة من عمره، وأنه يبرئه من عيب هذا المولد غير الشرعي، ويباركه ويعتبره أبناً شرعياً لولده شيزاري، يتمتع بكل حقوق الوراثة الشرعية، وينعم عليه بلقب دوق نيبي؛ وفي المرسوم الثاني يقرر البابا، أنه وإن كان يبرئ هذا الغلام ويرفعه إلى مرتبة الولد الشرعي، فإنه يقرر بأن عيب هذا المولد لا يرجع إلى ولده شيزاري بل يرجع إليه هو (أي البابا) وسيدة حرة (من قيود الزواج)، وإن كان ما يؤول إليه من الحقوق والمزايا طبقاً للمرسوم السابق يؤول إليه أيضاً بصفته ولد البابا وليس ولد ولده شيزاري؛ أو بعبارة أخرى يعترف البابا في هذا المرسوم بأن هذا الطفل هو ولده وثمرة غرامه

فمن هي أم هذا الطفل (الروماني)؟ ومن هي هذه السيدة الحرة، حظية البابا أو حظية ولده شيزاري أو حظيتهما معاً؟

يقول المؤرخ الكبير أميل جبهارت في الرد على ذلك: إن مولد هذا الغلام الروماني (جوفاني) الذي تولت لوكريسيا فيما بعد، حين غدت دوقة فيرارا تربيته، باعتباره أخيها، هو اشد ما في حياة اسكندر السادس وحياة شيزاري غموضاً وإيلاماً. والواقع أن لوكريسيا قد وضعت في سنة ١٤٩٨ ولداً يتفق مولده بالضبط مع تفاصيل المرسومين البابويين،

<<  <  ج:
ص:  >  >>