الكلام عن الحياة الأدبية في تونس يشمل الكلام عنها من ناحيتين مختلفتين. فان كان المراد بالحياة الأدبية كثرة المشتغلين بالأدب، والمهتمين بالحديث عن رجاله، والمقبلين على مجالسه ونواديه، والمطالعين لكتبه ومجلاته، ففي تونس حياة أدبية لا بأس بها. والظاهرة البارزة في الأوساط المثقفة هي حب الأدب، والتطلع إلى كل ما يمت إليه بصلة. فالشاب التونسي يصرف هواه وجل نشاطه ومجهوده في الاشتغال بالأدب ولواحقه؛ ومجالس الشيوخ والكبراء يغلب عليها الحديث عن الأدب والأدباء، والميل إلى المطارحات الأدبية، والمساجلات الشعرية؛ وكل فكرة جديدة، أو خبر أدبي، أو كتاب ناجح تجد له صداه في كل الأوساط المتعلمة.
ولكننا إذا أردنا بالحياة الأدبية الإنتاج الأدبي والمجهود الفردي لخدمة الأدب بواسطة التأليف والنشر، فتونس ليس لها حياة أدبية تليق بمكانتها التاريخية ومركزها الجغرافي في أفريقية الشمالية. وإنه ليعي الباحث أن يدل دلالة واضحة ملموسة على القسط الذي ساهمت به تونس في تكوين هاتة النهضة الأدبية المعاصرة في الشرق العربي، وأن يبين أن للأدب التونسي ناحية خاصة تميزه، ومعالم معروفة لا يمكن أن ينكرها مُنكر، أو يتجاهلها متجاهل.
وها نحن أولاء نستعرض بعض مظاهر الحياة الأدبية في تونس، ونقول فيها كلمة الحق، وإن كان من الحقائق ما هو مؤلم.