للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هنالك في تونس شعراء كثيرون، ودواوين شعرية مطبوعة كديوان (خزنه دار)، وديوان سعيد أبو بكر، وديوان مصطفى آغه، ومجموعة للأدب التونسي المعاصر في أربعة أجزاء جمعها زين العابدين السنوسي صاحب مجلة (العالم الأدبي)، وترجم فيها لما يزيد على ثلاثين شاعراً، وأنتخب من شعرهم منتخبات مطولة. ولكن الشعر التونسي في مجموعه لم يبلغ من القوة والابتكار والاستقلال الفكري والمميزات الفردية، وظهور الشخصيات القوية، ما يجعله يقوى على تحمل المقارنة بالشعر العالي أو ينعت بالأدب الرفيع. ومن سوء حظ تونس أن الفرد الوحيد الذي استطاع أن يعلو بشعره إلى مكانة الشعر الراقي ويضاهي به أنبغ شعراء العرب والغرب قد مات في العام الماضي في ريعان الشباب؛ وبكته تونس في حفلة رائعة اشترك فيها كثير من أدباء الأقطار العربية.

والشعر التونسي المعاصر يسيطر عليه تقريباً الشعراء الشيوخ وهم الذين يخصون فنون الشعر القديمة بجل عنايتهم؛ وشعراء الشباب يغلب على شعرهم الميل إلى التجديد في المعاني والأغراض وحتى الأوزان والأساليب، ولكن الذي يعاب عليهم هو غلبة تفكير الجرائد ومواضيعها على أدبهم، وفقر شعرهم من المعاني القوية والصور الشعرية، واحتياجهم إلى الثقافة العامة القائمة على سعة الاطلاع والإحاطة بتاريخ الحركات الأدبية والفكرية في مختلف العصور؛ ويعاب عليهم أيضاً هذا النوع من الأدب الباكي الذليل، فلا يكاد أحدهم يشدو في نظم الشعر حتى تراه ينظم في البؤس وتوابعه، ويتشاءم من كل شيء في الحياة؛ فنحن نقبل هذا النوع من الكهول والشيوخ الذين دخلوا معركة الحياة وتمرسوا بآفاتها، ولكننا نرفضه من الشباب، لأن الشباب أمل وعزيمة وحب للكفاح والغلبة.

الحياة الكتابية

فنون الكتابة كثيرة، فأية كتابة عندنا وأي كتّاب؟ نقول في الجواب إنه يوجد عندنا الكاتب الاجتماعي والمؤرخ والصحفي. . . فقد نشر في تونس في هاته السنوات الأخيرة كتب بعضها في التاريخ ككتب الأستاذة حسن حسين عبد الوهاب، وعثمان الكعاك، وأحمد توفيق المدني؛ وبعضها في الأدب والاجتماع، ككتاب أبو القاسم الشابي عن الخيال الشعري، وكتاب الطاهر الحداد عن المرأة، وكتاب محمد المرزوقي عن مسائل من الفن والجمال.

<<  <  ج:
ص:  >  >>