هذه الكتلة المتصلة الحدود من شواطئ الأطلنطي إلى شواطئ الباسيفيكي؛ والتي تضم مراكش وتونس والجزائر وليبيا، ومملكة وادي النيل وسوريا ولبنان والعراق والأردن والمملكة العربية واليمن، وتركيا وإيران وأفغانستان وباكستان وإندونيسيا.
هذه الكتلة التي يربى عددها على مائتين وخمسين مليونا من السكان؛ والتي تملك أغنى منابع البترول والمواد الخامة؛ والتي تتحكم بمواقعها الاستراتيجية في مواصلات العالم.
هذه الكتلة تملك أن يكون لها وزن، حتى ولو كانت مجردة من السلاح؛ وتملك أن تجعل كل كتلة من الكتلتين المتنازعتين تفكر مرتين قبل الإقدام على حرب، تجتاح فيها هذه المناطق الشاسعة، التي تقوم حاجزا بين الكتلتين لا تلتقيان إلا باجتياحه.
هذه الكتلة تملك هذا كله إذا وصلت درجة اليقظة فيها إلى الحد الذي تقف به في وجه الدعايات المزيفة التي يقوم بها دعاة كل من الكتلتين فيها. . . إذا هي عرفت كيف تجبر حكامها والمستغلين فيها على انتهاج سياسة قومية خالصة. . . إذا هي نظمت اقتصادياتها وإمكانياتها وخلصتها من الاستعمار الاقتصادي الذي يمكن له فيها حكامها أو أصحاب رؤوس الأموال المستغلين الذين لا يهمهم وطن ولا قومية ولا دين.
وأنا أكتب هذا للشعوب لا للحكومات: أكتبه للجماهير لا للمستغلين، وأنا مؤمن بالشعوب والجماهير في تلك الرقعة العريضة من الأرض، وأياما كانت عوامل الضعف والفرقة، وعوامل الضغط والكبت، فإن واجب الدعاة ألا يفقدوا إيمانهم بالشعوب، فالشعوب تملك متى تريد تملك أن تسبب المتاعب للأقوياء ولحلفائهم من أهل البلاد. تملك أن تكلف هؤلاء وهؤلاء عنتا دائما لا يأمنون معه الاندفاع، ولا يحمون ظهورهم معه من الاضطراب والانتقاض.
ولقد آن للشعوب أن تضع حدا لذلك العبث الآثم الذي يزاوله حكامهما والمستغلون فيها، وأن تقرر مصائرها بأيديها، وتقطع كل يد تعبث بهذه المصائر لغاية خاصة لا تعنى هذه الشعوب. . لقد ضاعت فلسطين على مذبح المنافسات بين عدة بيوت حاكمة، لا لأن قوى