الأمة العربية - أيا كانت ضعيفة - عجزت عن الوقوف أمام حفنة من اليهود، مهما جاءتهم النجدة من الكتلة الشيوعية، والكتلة الرأسمالية. ولو كان في مجموعة الشعب العربي من الحيوية إذ ذاك ما تحطم به أطماع الطامعين، وتضرب على أيديهم العابثة، ما وقعت الكارثة.
إنني أهتف بالجماهير في تلك الكتلة المترامية الأطراف أن تفتح أعينها فلا تسمح مرة أخرى بتمثيل المأساة، ولا تستجيب للمستنفعين فيها، حين يريدون أن يقودوها كالذبيحة لتقف مع هذه الكتلة أو تلك، بينما هي تملك أن تسبب الربطة والاضطراب للكتلة التي تدوس أرضها، وتدوس كرامتها؛ وبذلك تملك أن يتمتع العالم بفترة سلام أخرى، تنشأ من تردد كل من الكتلتين في أن تكون البادئة، وأن تكسب بذلك عداء الكتلة الثالثة.
وليس هذه الدعوة التي ادعوها هنا مستحيل. وما يراها مستحيلة إلا الذين يختانون أنفسهم، ويحتقرون ذواتهم، وييئسون من الشعوب التي تملك كل شئ حين تريد. . . إنني يائس من الزعماء، يائس منالحكومات، يائس من مئات أو ألوف خدعتهم الدعاية الرأسمالية أو الداعية الشيوعية - ولكنني لست بائسا من الشعوب - على ما يجثم عليها من جهل ومن ضغط اقتصادي، ومن قنوط في بعض الأحيان. إن هذا كله إلا غاشية سطحية تزول. وستقف هذه الشعوب على قدميها يوما، وستحطم كل من يعترض طريقها من المستعمرين والمستغلين. . . ونحن في الطريق.
غير أنه يبقى سؤال عام: على أي أساس تقوم هذه الكتلة الثالثة؟ وما هي مقوماتها الأصلية؟
إن أول ما يخطر على البال أن تقوم هذه الكتلة على أساس من وحدتها الجغرافية والاقتصادية، وعلى أساس من مصلحتها المشتركة في اتقاء الحرب الثالثة التي ستدمرها تدميراً.
ولكن هنالك أساسا آخر أشمل وأوفى؛ يتضمن هذه المقومات السابقة، ويزيد عليها عنصر آخر له أثر العميق في النفس البشرية، ذلك هو الفكرة المشتركة عن الحياة، تلك التي تنبع منها كل مقومات الحياة الأخرى.
لقد قال (ماك أرثر) قائد الحلمة الرأسمالية السابق في كورية: إن الحرب في كورية حرب