قلنا في العدد الحادي عشر في معرض الرد على الآنسة الفاضلة عفيفة (إن في الأدب العربي الحديث طرفة من هذا النوع الذي تريدين (الرسائل الغرامية) هي آية من آيات الفن في دقة الصنعة، ولعلها لا تقل جمالا عن تماثيل (فدياس) وصور (رفائيل) ولكنها كهذه التماثيل وتلك الصور ينقصها شيء واحد هو كل شيء: ذلك هو الروح)
أردنا بتلك الطرفة أوراق الورد (وقد كتبناها سهوا رسائل الورد) للأستاذ الرافعي. ثم رجونا من الآنسة عفيفة أن تقرأها وتبدي رأيها فيها، فقرأتها ثم بعثت إلينا بهذه الرسالة.
سيدي الأستاذ:
ما كان الأمر يحتاج إلى رجاء (فرسائل الورد) أو (أوراق الورد) أسم مشوق يستميل القلب ويستهوي النفس. ومن ذا الذي لا يسرع إلى أوراق الورد لتبهج قلبه، وتزيل كربه، وتهذب إحساسه، وتغذي خياله؟
غير أني لم أكد أطالع رسالتين من رسائل الورد حتى عرفت سبب الرجاء، وقلت لعل الأمر كان يحتاج إلى ألف رجاء. إذ وجدت إن من العسير علي بل من المتعذر أن امضي في مطالعتها، وكدت أن ابعث إليك برأيي فيها مكتفية بما طالعت، غير أني وجدت من الإسراف أن احكم على الكتاب بقراءة رسالة أو رسالتين، فمضيت في المطالعة والله يعلم كم مرة انقبضت نفسي، وكم مرة اعتراني الملل، حتى زهدني في أن أدلي برأيي فيها.
ولعلك يا سيدي الأستاذ لو كنت دفعت بي إلى الوراء سبعمائة عام مضت لوجدت في (البهاء زهير) صورة صادقة لنفسي، ومرآة جلية لعواطفي وشعوري، بل لذكرني لفظه الرقيق ومعناه الدقيق رقة طبيعة مصر وعذوبتها، بل لوجدت في مقطوعاتها الحية ما يجعلني أن أتخيل إن كاتبها معاصرا لنا اكثر من كثير من معاصرينا الموجودين.
حاولت أن أقف على الفكرة التي تدور حولها (أوراق الورد) فلم أوفق، فهي رسائل مفككة لا يتصل بعضها ببعض، لا تترجم عن عواطف صحيحة ولاعن شعور صادق. يعرض علينا الكاتب عواطف مبهمة فيها تكلف وفيها صنعة، دون أن يبعث فيها شيئا من شخصيته وميوله وعواطفه. لا أثر فيها لروح الجماعة أو البيئة التي خضع لها الكاتب. هو متكلف