للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

متصنع، وإلا لأطلق لشعوره العنان وترك نفسه على سجيتها، فلا يتسامى عن وصف الحياة الاجتماعية، ولاعن الحوادث اليومية، مما يسميه هو حشواً، لأن المترجم الصادق هو من يعني بالصغيرة قبل الكبيرة فلا يتقيد بقيود لفظية ولا معنوية ولا يضع بيننا وبينه حجابا كثيفاً.

يسير الكاتب إلى غرضه في المعنى القليل إلى كثير من التعقيد اللفظي، ليخلق منه فلسفة، فإذا أراد أن يقول ما قاله شوقي:

لا أمس من عمر الزمان ولا غد ... جمع الزمان فكان يوم لقاك

يقول في صفحة ٢٤٥:

(قد عرفنا أن لنا أعماراً محدودة، أفلا يجوز أن ساعات الهناء والسعادة إنما كانت محدودة لأنها أعمار لأعمارنا؟ فبضعة أشهر من الجفاء أو البعد يكون عمرها هو ساعة اللقاء التي تنفق بعدها، وسنة كاملة من عمل يكون عمرها يوم سرور إن كان هذا صحيحا فما أقصر عمرك يا عمري!. . .)

فها هو ذا شعر شوقي لرقة لفظه وسهولة معناه، يكاد أن يكون نثراً، أما نثر (أوراق الورد) فمحتاج إلى طول أناة لتعرف قصده وتقف على مرماه.

أنا يا سيدي الأستاذ لم أعرف السر في توجيهك نظري إلى (أوراق الورد) فإذا كان قصدك أن تدفع بالبرهان قولك: إن الفن وحده لا يوجد الشعور فهذا الكلام لا يحتاج إلى برهان، وأنا مؤمنة به كل الإيمان. وأما إذا كنت تعني جادا أن تطلعني بقراءتها على جمال في الأدب العربي الحديث، لعله لا يقل جمالا عن تماثيل (فدياس) وصور (رفائيل)، فأرجو ان يسمح لي سيدي الأستاذ ألا أشاركه هنا الرأي، فأوراق الورد لا جمال فيها إذ لا معنى لها، والمعنى مصدر الروح، وهو إن حلَّ في الشيء المادي كونه وناسب بين أجزائه، وجعلها وحدة لا تنفصم.

إذن لا جمال حيث لا روح ولا وحدة ولا تعبير والمعنى مصدرها جميعا.

أرجو أن يتفضل سيدي الأستاذ فيدلني على موضع الجمال فيما سأنقله إليه نموذجاً لما اشتمل عليه الكتاب (من رسالة في العتاب صفحة ٢٠٧)

(. . . ما هذا يا سيدتي وليس خيط عمري في إبرتك. . . ولا ما يتمزق من أيامي تصلحه

<<  <  ج:
ص:  >  >>