أما آن للتاريخ أن ينصف هذا المصري الفلاح وأن يحدد له
مكانة بين قواد حركتنا القومية؟
للأستاذ محمود الخفيف
واتفق الضباط وحلفاؤهم أن يسير عرابي على رأس الجيش إلى عابدين في اليوم التالي ليطالبوا الخديو بوضع حد لتلك الحال التي ضجت منها البلاد؛ وأرسل عرابي خطاباً إلى الخديو في صباح ذلك اليوم المشهود في قصر الإسماعيلية، وكان الخديو قد حضر في شهر سبتمبر إلى القاهرة، ينبئه فيه بما اعتزم أن يقوم به عصر ذلك اليوم!
يقول عرابي في مذكراته:(ولما كثرت دسائس الحكومة وبان ختلها وعزمها على اغتيالنا، أخذنا حذرنا منها، وسهرنا على إحباط تلك الدسائس المنكرة، وكان السير مالت مالت قنصل إنجلترا بمصر كثير التردد على الخديو ليلاً ونهاراً دون غيره من وكلاء الدول الأوربية، فأوجسنا من ذلك خيفة على مصير بلادنا، وخشينا من مطامع إنجلترا التي كانت ترمي إلى التهام وادي النيل أسوة بما فعلته فرنسا بتونس حتى يتم التوازن التي تدعيه أوربا؛ فعرضنا مخاوفنا على جلالة أمير المؤمنين ليحيط علماً بما كان جارياً في مصر ولكيلا يتورط في تصديق ما قد يصل إليه من دسائس أعداء البلاد. وذيلنا العريضة المذكورة بإمضائي وإمضاءات إخواني علي بك فهمي وعبد العال بك حلمي وأحمد بك عبد الغفار بالنيابة عن الجيش، وأحمد بك أبو مصطفى وأحمد بك الصباحي وعثمان باشا فوزي وغيرهم من وجوه الأمة بالنيابة عن جميع المصريين. . .)
وفي عصر ذلك اليوم ٩ سبتمبر سنة ١٨٨١ تحرك الجيش يقصد عابدين؛ فحطت الثورة الوليدة أجرأ خطواتها وأبعد أثراً في تطور حوادث ذلك العهد.
وكان الخديو في قصر الإسماعيلية. فأرسل يستدعي السير أوكلند كلفن. ولما حضر سأله ماذا عسى أن يفعل في هذا الموقف. قال كلفن: (فنصحت إليه أن يقاوم؛ فقد أخبرني رياض باشا أن في القاهرة فرقتين مواليتين، لذلك أشرت على الخديو أن يدعوهما إلى