للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[للتاريخ]

الرافعي

بقلم تلميذه وصديقه الأستاذ محمد سعيد العريان

(بيان كأنه تنزيل من التنزيل، أو قبس من نور الذكر الحكيم) سعد زغلول

بيني وبين الأستاذ مصطفى صادق الرافعي عهد وذمة، وله علي حرمة المعلم والأب والصديق؛ أفترى كل أولئك يمنحني الحق أن أكتب عنه كما عرفته، وأخذت عنه، واستمعت إليه، واستمتعت بفنه وأدبه ومجلسه؛ أم تراه سيغضب إذ يراني أتناول حياته وأدبه فأنشر منهما على الناس، ثم لا أنبئه بما اعتزمت إلا حين تنبئه الصحائف المنشورة، على حين أجالسه كل مساء. . . .؟

وإني لحريص على رضاه، وما أعلم أنه يغضبه أن يحسن رأيي فيه أو يسوء؛ فانه ليعلم علمي أن ذلك حق الأدب، لا يمنع منه تفاوت المنازل أو تداني الرتب، ولا يؤثر فيه حق المعلم والأب والصديق، بل لعله إذ يغضب أن يكون غضبه من أنه يؤثر العيش في عزلته التي رضيها لنفسه، بعيداً من ضوضاء الحياة وصخب الناس، منعزلاً في (طنطا) الحبيبة إليه، عن مجالي الأدب ومزدحم المتأدبين في (القاهرة)

على أني إلى ذلك لا أستطيع أن أرد طلبة للأستاذ الزيات، وهو قد طلب إلي أن أكتب هذا الفصل عن الرافعي، على علم منزلته عندي ومنزلتي عنده؛ أفتشفع لي هذه المعذرة عند الأستاذ الرافعي أم سيشفع لي الأستاذ الزيات. .؟

تمهيد

سمعت اسم الرافعي لأول مرة مقترنا إلى نشيده الخالد: (اسلمي يا مصر. . .) في حفل حاشد بطنطا؛ وكان لاسمه يومئذ في أذني رنين عذل، امتزج بأنغام ذلك النشيد، وتألف لي منهما لحن علويٌّ ساحر، فيه جمال وعذوبة، وفيه اعتزام وقوة. على أني لم أكن أعرف يومئذ أهو الرافعي صاحب (الأخبار)، أم رافعي آخر، تجمع بينهما وحدة اللقب وشرعة الوطنية

ومضت سنوات، وشدوت من العلم ما شدوت، وإذا صديق يدفع إلى كتاب (رسائل

<<  <  ج:
ص:  >  >>