الدكتور أبو شادي شخصية فريدة كل ما فيها معجب محبب، وهو مثال باهر للكاتب الذي يحيا حياة عامرة بمختلف أنواع النشاط الناهض. وحسب الطبيب الشاعر أنه إحدى الشخصيات القلائل التي تعددت نواحي أذهانها دون أن تطغى ناحية على أخرى. وهو مثل حي بليغ لاستحالة العداوة بين الفلسفة والدين والعلم والشعر. وإن الخلاف بين نوعين من أنواع المعرفة لا يجد له مكاناً إلا في الذهن الكليل الذي لا يمكنه أن يفهم إلا جزءا من كل، والذي توفرت له بعض المؤهلات ولم يتوفر له البعض الآخر؛ ولكن العقل الكبير يدرك بالبديهة قبل أن يثبت بالبرهان (إذا فرض إمكان الإثبات عن طريق العلم) أن العالم وحدة لا تتجزأ وأنه من المستحيل أن يناقض بعض أجزائها البعض الآخر
ويعجبني في الدكتور أبي شادي أنه كائن حي قائم بذاته يتفجر إيمانه بالحياة وربها وما بعدها من أعماق ذاته ولا يتقبل تعاليم السلف مغمض العينين. والاستقلال الذاتي صفة نادرة؛ ولكن الحياة بدونها تصبح باهتة رثة عديمة الطعم عديمة القيمة. وقد اتجه الدكتور إلى التأليف بالإنجليزية وبين يدي الطبعة الثانية لكتابه (كيفما اتفق) وقد تناول بالبحث في كتابه هذا أهم المشاكل العالمية مثل تحسين النسل، العوامل التي يجب أن تتوفر في الشخص المتمدين، العبقرية، الديمقراطية والحكم المطلق، الدين، المساواة بين الجنسين، الاقتصاد، التعاون، والأخلاق، ويجب على كل شخص يحس بوجوده أن يدرس هذه الموضوعات ويكوَّن له رأياً خاصاً فيها؛ وغرض الكاتب هو خير الفرد وسعادة المجموع. غير أني أختلف معه في بعض ما يقترحه من وسائل وغايات
تطغى شخصية العالِم في هذا الكتاب على ما عداها. وأي عالم؟ ذلك الذي لا يؤمن إلا بالعقل وحده والمنطق والمقاييس المضبوطة - وعهدي بأبي شادي شاعراً كبيراً ولكن شخصية الشاعر اختفت تماماً من هذا الكتاب، وفي هذا خسارة لا كسب. وقد تطرف