أن المقارنة بين الكتابين تدفعنا إلى المقارنة بين الفن الأدبي في اللغة اللاتينية وبينه في اللغة الإنجليزية. يقوم الفن في اللاتينية على التصميم في القصة وعلى رسم حوادثها وعدم الاهتمام بأشخاصها.
أما في اللغة الإنجليزية فيعتمد على الأشخاص وجعل الفن متصلاً بهم وموسوماً بما في نفوسهم وطبائعهم من خير أو شر وتعاسة ونعيم. وعلى هذا الأساس يجد القارىء ما يبعث السأم في نفسه وهو يقرأ قصص كانتبارى، ولكن أشخاصها يبعثون في سأمه ما فيهم من حياة وحركة. أما في قصص دى كامرون، فإن القصص رائعة والأشخاص أموات لا يتحركون. فالأشخاص في دى كارمون غير مسؤولين مطلقاً عما يدور على ألسنتهم من حوار وقصص قد لا يتفق في كثير أو قليل مع احتشام الفتاة التي تقصها، حينما تتصل المعاني بالأدب الجنسي المكشوف الذي ضرب بوكاشيو بسهم وآفر. وليس في استطاعة وليس في استطاعة الناقد إلا أن يسقط هذه الشخصيات من اعتباراتها الشكلية التي وضعت مرغمة فيها وعلى وجهها أقنعة مستعارة لا تتصل بها ولا تمثلها. . . وناقل الكفر ليس بكافر، إذا أراد أن ينصفها ويدلل على مكانها من الحقيقة. . .
لكن هذه الشخصيات في بعض أحاديثها خارج القصص تصور لنا المناظر الجميلة حول فلورنسا، والقصور المترفة، والمروج التي تجري فيها الأنهار تصويراً رائعا. . .
لم تقع حوادث القصص المائة في مكان واحد، وإنما وقعت في ثلاثة أماكن: أولهما يبعد ميلين عن فلورنسا، وهو قصر باذخ تقوم على أطرافه حدائق غناء، وسواقي جارية، وحقول خضر، وتلال مغطاة بأشجار الفاكهة، وموقعه الآن على مقربة من قرية ستجنانو التي تصلها طريقة ضيقة تبعد ميلين عن ضاحية بورنالا كروز، وكان هذا القصر يقع في مزرعة تدعى بوجيوجراردو وهي حصة مارجريتا زوجة أبيه من إرثها من أسرتها.