أكثر التماعاً والتهاباً من الأشعة المتفرقة. وبدون هذه الجهود التي يحتملها الفلاسفة من ذوي المذاهب المتكاملة، فإن الأفكار الإنسانية المتفرقة قد تومض في لحظات من التأمل المتكامل المتراخي وسرعان ما ينطفئ الوميض.
وأضيف أخيراً أن الفيلسوف أقدر من المفكر العادي على التحرر من شطحات الخيال، ونزوات الانفعال، أكثر منه فردية وابتعاداً عن تيار الحياة الجارف الرتيب. لا يوقن بأمر قبل أن يتناوله بالنقد، ولا يسلم برأي دون تمحيص؛ لا تراوده فكرة إلا قبلها على جميع الوجوه؛ تلقي إليه بالرأي فيطلب الدليل، وتنقل إليه الخبر فيلتمس البرهان، وتقدم إليه التفسير فيسعى إلى تفسير لذلك التفسير. منهجه الشك قبل اليقين. الشك من كل شيء حتى في عقله، وشعاره النقد قبل التسليم. الاستسلام للعاطفة عنده خطأ مبين، والرضا بالمزاعم الجارية إثم لا يغتفر. عقل مستديم القلق، وذهن لا نهائي التساؤل، وفكر لا ينى عن التحميص. النظرة العابرة لا ترضيه، واستكشاف الجزيئات لا يكفيه، فميدانه الكون في مجموعه، وهدفه الحقيقة كاملة غير منقوصة.