للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قصة زواج وفلسفة المهر]

للأستاذ مصطفى صادق الرافعي

قال رسول عبد الملك: ويحك (يا أبا محمد) لكأن دمك والله من عدوك فهو يفور بك لتلج في العناد فتقتل، وكأني بك والله بين سبعين قد فغرا عليك؛ هذا عن يمينك وهذا عن يسارك، ما تفر من حتف إلا إلى حتف، ولا ترحمك الأنياب إلا بمخالبها.

ههنا هشام بن اسماعيل عامل أمير المؤمنين، أن دخلته الرحمة لك استوثق منك في الحديد، ورمى بك إلى دمشق؛ وهناك أمير المؤمنين، وما هو والله إلا أن يطعم لحمك السيف يعض بك عض الحية في أنيابها السم؛ وكأني بهذا الجنب مصروعاً لمضجعه، وبهذا الوجه مضرجاً بدمائه، وبهذه اللحية معفرة بترابها، وبهذا الرأس محتزاً في يد (أبي الزعيزعة) جلاد أمير المؤمنين، يلقيه من سيفه رمى الغض بالثمرة قد ثقلت عليه.

وأنت (يا سعيد) فقيه أهل المدينة وعالمها وزاهدها، وقد علم أمير المؤمنين أن عبد الله بن عمر قال فيك لأصحابه: (لو رأى هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لسره) فإن لم تكرم عليك نفسك فليكرم على نفسك المسلمون؛ أنك ن هلكت رجع الفقه في جميع الأمصار إلى الموالي؛ فقيه مكة عطاء، وفقيه اليمن طاوس، وفقيه اليمامة يحيى بن أبي كثير، وفقيه البصرة الحسن، وفقيه الكوفة إبراهيم النخمي، وفقيه الشام مكحول، وفقيه خراسان عطاء الخراساني. وإنما يتحدث الناس إن المدينة من دون الأمصار قد حرسها الله بفقيهما القرشي العربي (أبي محمد سعيد ابن المسيب) كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد علم أهل الأرض إنك حججت نيفاً وثلاثين حجة، وما فاتتك التكبيرة الأولى في المسجد منذ أربعين سنة، وما قمت إلا في موضعك من الصف الأول، فلم تنظر قط إلى قفا رجل في الصلاة؛ ولا وجد الشيطان ما يعرض لك من قبله في صلاتك ولا قفار رجل؛ فالله الله يا أبا محمد، إني والله ما أغشك في النصيحة؛ ولا أخدعك عن الرأي، ولا انظر لك الأخير لنفسي؛ وإن عبد الملك ابن مروان من علمت؛ رجل قد عم الناس ترغيبه وترهيبه، فهو آخذك على ما تكره إن لم تخته أنت على ما يحب؛ وأنه والله يا أبا محمد، ما طلب إليك أمير المؤمنين الو أنت عنده الاعلى، ولا بعثني إليك إلا وكأنه يسعى بين يديك، رعاية لمنزلتك عنده وإكباراً لحقك عليه؛ وما أرسلني اخطب إليك ابنتك لولي عهده إلا وهو يبتذل

<<  <  ج:
ص:  >  >>