عداواتهم، واصبح شعره حبساً على التاريخ، فمن كان يرى حقاً أن شوقي لم يبلغ هذه المنزلة، أو أنه لم يبلغ بعضها، أو أنه لم يكن شاعراً البتة، فهذا له رأيه، وعليه تبعته. ولا حيلة لنا ولا لغيرنا فيه. وأما من يقدر شوقي حق قدره، فينزله هذه المنزلة أو ما هو اقرب إليها، فمن واجب الذمة أن يشيد بقدره، ويدل على جلالة محله، لا قضاء لحق الأنصاف وحده، ولا أداء لشكر النعمة فحسب، فلقد كان شوقي نعمة عظمى اسبغها الله على أبناء العربية جميعاً، بل لاستدراج نشئ المتأدبين إلى استظهار شعره، وإنها لهم من أدبه، واتخاذه النموذج المحتذى إذا اجتمع أحدهم للبيان.
هذا واجب الذمة للحق وللبيان جميعاً، وخاصة بعد هذا التبلبل الذي لا احسب أن البيان العربي شهد مثله في أي عصر من عصور التاريخ. وحسبي هذا، فما احب أن اقذف بنفسي في هذه الحرب الناشبة من أنصار قديم وأصحاب جديد.
عبد العزيز البشري
من قول شوقي يصف تمثال نهضة مصر ويشير إلى المرحوم
المثال مختار:
تعالوا تروا كيف سوى الصفاة ... فتاة تلملم سربالها
دنت من أبي الهول مشى الرؤوم ... إلى مقعد هاج بلبالها
وقد جاب في سكرات الكرى ... عروض الليالي وأطوالها
وألقى على الرمل أرواقه ... وأرسى على الأرض أثقالها
يخال لأطراقه في الرمال ... سطيح العصور ورمالها
فقالت: تحرك فهم الجماد ... كأن الجماد وعى قالها
وما الفن إلا الضريح الجميل ... إذا خالط النفس أوحى لها