هناك في الشرق الأقصى على بعد آلاف الأميال من قلب العالم الإسلامي يربض شبه جزيرة الملايو ربضة الأسد المتحفز للوثبة الكبرى للتحرر من قيود الذل والاستعباد.
هناك وعي قومي منبعث من النفوس الحرة، ثائر على الأوضاع الاستعمارية. يمثل القوى القومية المناهضة للقوى الاستعمارية. يضع الخطوط الرئيسية الأولى لبرنامج قوى لإعداد قوى الأمة لجهاد طويل مرير، وكفاح شاق عنيف. تسفك خلاله دما زكية، وتبذل أموال طائلة، حتى يتحقق الأمل القومي المنشود.
لقد أتقضى أكتر من ثلاثة قرون للحكم البريطاني في الملايو تخللتها تطورات في أنظمة الحكم، وتغيرات في شؤون المال والاقتصاد. ولا يزال الحكم البريطاني فارضاً سلطته على الشعب الملايوي مستغلا جهوده. وملايا قطر شرقي يقع في جنوب شرق أسيا، يطل على المحيط الهندي. اشتهر في العصر الحديث بإنتاجه الزاخر من المطاط والقصدير، وبقاعدته الحربية (سنغافورة) واهم إنتاجه المعدني القصدير. وفي جزيرة سنغافورة القاعدة الحربية البريطانية اكبر مصفاة لتصفية القصدير الخام في العالم تملكها الشركات البريطانية. ير د القصدير الخام على الناقلات البحرية من سائر أنحاء العالم لتصفيته ثم تصديره إلى الأسواق العالمية. وأما أهم إنتاج ملايا الزراعي فهو الأرز. وتنتج غاباتها الكثيفة أنواعا مختلفة من الأخشاب. ويصدر المطاط والقصدير والأخشاب وزيت جوز الهند والأناناس والكوبرا إلى البلدان الأجنبية. وتستغل الشركات البريطانية والأوربية والصينية المزارع الواسعة التي تفيض بأحسن المنتوجات. ويتحكم البريطانيون في إنتاج المطاط وفي تقرير سعره. والمطاط هو الدافع العظيم لبقاء بريطانيا في الملايو. فقد تخلت عن بعض مستعمراتها في الهند الشرقية لهولندا إزاء تنازل هولندا عن بعض مستعمراتها في الملايو. . . ففي عام ١٨٢٤ تنازلتبريطانيا عن ولاية في جزيرة سو مطرا لهولندا