لم يثر أي كتاب من الكتب ضجة كالضجة التي أثارها كتاب توماس مالتوس (بحث في نظرية السكان) الذي صدر في سنة ١٧٩٨ في منتصف فترة النهضة التي تسمى نهضة (الزيادة الكبرى) في مجموع السكان وفي بلاد ازداد عدد سكانها زيادة سريعة لم تدانها أية زيادة من الزيادات التي حصلت في بلدان القارة الأوربية الأخرى. فقبل هذه النهضة بـ١٥٠ سنة كان سكان القارة الأوربية يبلغون قرابة الـ ١٠٠. ٠٠٠. ٠٠٠ نسمة، ولكن بعد النهضة بـ ١٥٠ سنة أخرى واجهت شعوب أوربا مشكلة ابتداء حصول نقصان في مجموع السكان. ولكن سنة ١٧٩٨، عندما أخذ يتضاعف عدد سكان القارة الأوربية الذي يبلغ الـ١٨٧. ٠٠٠. ٠٠٠ - على الرغم من ارتفاع عدد المهاجرين الذي بلغ ٥٥٠. ٠٠٠. ٠٠٠ - اكتسبت نظرية مالتوس التي سماها نظرية زيادة السكان أهمية مريعة.
ففي عام ١٦٥٠ كان تعداد سكان العالم يقارب ٥٠٠. ٠٠٠. ٠٠٠، ثم بلغ هذا التعداد في سنة ١٩٤٠ بليونين، وقد حصل نصف بليون من هذه الزيادة خلال المائة سنة بين ١٦٥٠ و١٧٥٠، في حين حصلت زيادة البليون الآخر في السنوات التي تلت ذلك. وبذلك ازداد في ٣٠٠٠ سنة عدد الأوربيين - الذين يدخل فيهم السلالات المتحدرة النقية التي تعيش في الخارج - زيادة تبلغ السبعة أضعاف، وهكذا، ومع مرور الزمن غدت ظاهرة الزيادة - كما كتب لنكزلي دافيس - شبيهة بسلك رفيع يحترق ببطيء وتعثر، إلى أن أدرك الاحتراق نهايته فأنفجر. ولعل أبرز مظهر لظاهرة زيادة السكان في الغرب - وهي الظاهرة التي أطلقنا عليها اسم نهضة (الزيادة الكبرى) في مجموع السكان - تتبدى في ازدياد عدد نفوس الشعوب الناطقة بالإنجليزية. فقد كان تعداد هذه الشعوب يبلغ ٥. ٥٠٠. ٠٠٠ في عام ١٦٠٠ فتضاعف إلى ٢٠٠. ٠٠٠. ٠٠٠ في عام ١٩٤٠. وفي المائة سنة الأخيرة من التاريخ التقويمي ازداد عدد سكان الجزر البريطانية نحو أربعة أضعاف ما كان عليه، وهذا بالإضافة إلى أن أكثر من ١٧. ٥٠٠. ٠٠٠ قد هاجروا من هذه الجزر إلى أمريكا الشمالية ودومنيونات ما وراء البحار.
ويرى العلماء المحدثون أن مالتوس قد وجه نشاطه مبدئياً، في الطبعة الأولى من رسالته،