نحو دراسة مشكلة الفقر، وإن مسألة السكان كانت ثانوية في آرائه. فقد أراد أن يدرس طبيعة الفقر كما انكب آدم سمث على دراسة طبية الثروة؛ إلا إنه وضع رسالته يرد بها على وليم كودوين والتلاميذ الاشتراكيين مستهدفاً إثارة المحافظين الدينيين والاشتراكيين المتطرفين في آن واحد. وكتب مؤرخ حياته جيمس بونار يقول:(لقد غدا مالتوس من بعد ثلاثين سنة أمطر خلالها الناس سيلاً من الأخطاء أعظم شرير في عصره، وأصبح إنساناً يدافع عن الجدري والعبودية وعن قتل الأطفال وعن إلغاء الزواج المبكر، إنساناً بلغت به الوقاحة أن يتزوج بعد إلقائه وعظاً يبين فيه مساوئ العائلة، إنسان ظن أن العالم بمجموعه سلسلة ظواهر تحكمها عوامل الشر حكماُ يدفع إلى الاعتقاد بأن خير الأعمال هي ما كانت أكثرها إيذاء. ولم يقدم مالتوس - باعتباره شارحاً لأسباب الفقر - أجوبة مقنعة تتفوق في شمولها وقناعتها على تلك الأجوبة التي وضعها بعض المتعصبين من ذوي العقول الجافة كهنري وجورج وكارل ماركس. وإن نظريته التاريخية التي نقحها في الطبعة السادسة لرسالته هي أكبر ما قدمه).
قرر مالتوس بأن نسبة الزيادة بين السكان تفوق نسبة الزيادة في المواد الغذائية، ولذلك - إذا لم نضبط هاتين النسبتين عند حد متوازن واحد - فستجتاح الإنسانية المصائب والكوارث والنكبات والآلام. وقد أفرغ نظريته في قانونه المشهور: تجري زيادة السكان على شكل متوالية هندسية - بهذه الصورة ٣٢. ١٦. ٨. ٤. ٢. . . الخ - وتجري زيادة المواد الغذائية على شكل متوالية حسابية - بهذه الصور ٥. ٤. ٣. ٢. ١. . . الخ فإذا لم تضف أراض جديدة كما يقول مالتوس فسوف لا يستطيع أي شعب في العالم أن ينتج المواد الغذائية سنوياً إلا ما كان ينتجه في السنة السابقة، في حين أن عدد السكان - كما ظهر في أمريكا - يزداد زيادات متضاعفة من جيل إلى جيل، ولذلك فإن زيادة السكان لا تسير في مستوى واحد مع إنتاج المواد الغذائية إلا بوجود تحديدات معينة، وإن التحديد الحاسم بين هذه التحديدات هو المجاعة التي تعتبر الضابط الذي يوقف ازدياد السكان. ٠ وعلى ذلك فإن هناك تحديدات أخرى من الممكن أن يظهر مفعولها قبل ظهور فعل هذا التحديد، وهي الفقر والحرب وسوء التغذية والفجور. كما أن تقييد الزواج من الوسائل الرئيسية المعينة على التهرب من مثل هذه النتائج المخيفة. وكل مشروع يوضع لإنشاء