للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الميل إلى الهدم]

وصراع الديكة بين الأدباء والفنانين

للأستاذ دريني خشبة

يحيا الأدباء والنقاد ورجال الفكر والموسيقيون وسائر الفنانين في مصر كما تحيا الديكة. . . يعدو بعضها على بعض، ويحاول أحدها أن يمزق جلد الآخر إن لم يستطع أن يقتله. . . والناس مغرمون بهذا بالرغم مما ينطوي عليه من شر، وما يفسر ما في غرائزنا من نقص، بل نكسة إلى الحيوانية. . . فهم يقفون ليلتذوا صراع الديكة التي يدمى بعضها بعضاً، وكلما ازداد هذا الإدماء ازداد التذاذ المتفرجين على حساب الآلام القتالة التي يألمها الطائر المسكين، وقل في الناس من يحمل قلباً يأنف أن يلتذ آلام الغير

ويلذ الناس في مصر أن يشهدوا هذا الضرب من صراع الديكة بين الكتاب والنقاد ورجال الفكر والموسيقيين وأبطال المسرح وسائر الفنانين. . . ثم بين المشتغلين بسياسة البلد العليا من رجال الأحزاب بوجه خاص. على إنه إن جاز شيء من صراع الديكة بين رجال الأحزاب السياسية، فلست أدري لماذا يشتد هذا النوع من الصراع بين رجال الفكر والفنون؟ هل قال أحد إن الحكومة ستنشئ وزارة للأدب، فالأدباء يصطرعون عليها؟ أم زعم زاعم أن الدولة سوف تنشئ للنقد المناصب العوالي فالنقاد يستعدون ويستعدون ويشرعون الأسنة والرماح؟

١ - كتبت مرة كلاماً في المسرح المصري أدعو فيه إلى الوحدة والتعاون من أجل الخير العام، ثم جعلت أشيد بالجهود الكبيرة التي بذلها فلان وفلان من أبطالنا المسرحين، فما أصبحت حتى زارني بعض رجال أحد المعسكرات المسرحية، ثم شرعوا يعاتبونني معاتبة شديدة لأني عددت هؤلاء الأبطال المسرحيين أبطالاً حقيقيين جديرين بأن تذكر أسماؤهم في صفحات الرسالة، بله أن يشاد بجهودهم فيها؟!. . . ولقد كانوا يتدفقون حماسة وهم يقذفون في وجهي بهذا العتب، حتى كددت أركن إليهم شيئاً قليلاً لو لم يعجلوا بالانصراف. فلما انصرفوا، لم يزد دهشي إلا إقبال نفر من المعسكر المسرحي الآخر، جاءوا للسبب نفسه الذي جاء من أجله إخوانهم السابقون! وبالطبع لم يكن قدح هؤلاء في أولئك أهون من قدح أولئك في هؤلاء! وبالطبع، كدت أركن إلى هؤلاء كما أوشكت أن أركن إلى أولئك. .

<<  <  ج:
ص:  >  >>