للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تشترط فيه الملاءمة لأقل الناس في جميع هذه الصفات

وقد أحسن الأستاذ الحكيم حين شبه المجتمع الذي يستخدم الفن للرغيف بالطفل الذي يضع الحلية في فمه، لأنه لا يحسن أن يتملاها بنظره

فلا بد من شيء في الفن لا ينتهي إلى المعدة ولا يتوقف على الذين يعيشون للمعدات

لكن هل يفهم من ذلك أننا خطأنا الأستاذ أحمد أمين في حرصه على المصالح الاجتماعية والمطالب المعيشية؟

كلا. بل نحن مثله في حرصنا على تلك المصالح والمظالب، ولكننا نقول إن ظهور الفنون الخالصة في بنية الأمة ضرورة حيوية لسلامة تلك البنية، فإذا وجدت الفنون الخالصة في الجو الذي يلائمها كان ذلك دليلاً على استكمال المطالب التي دونها في مراتب الكمال، كأنما هي الزهرة التي لا تؤكل ولا تشرب، ولكنها إذا غابت عن الشجرة كان ذلك دليلاً على مصاب أحاط بالثمرات والقشور والأوراق والأحطاب

فالفنون الخالصة زهرة الأمة التي تنم على حياتها، ولن تحيا أمة يكون فيها اختلال يعوق مصالح الأكثرين ومطالب المعدات والأجسام.

وعلى هذا نتفق جميعاً إذا اتفقنا على أن الفنون علامة صحة ونماء، وليس من الضروري بعد ذلك أن نطالب حمرة الخدين بفائدة مادية غير الدلالة على الجسم الصحيح

عباس محمود العقاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>