للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بمناسبة حال العمال اليوم:]

واجبات الإنسان. . .

للزعيم الإيطالي يوسف مزيني

بقلم الأستاذ عامر عبد الوهاب

نشر مزيني هذا المال عام ١٨٦٠ موجها كلامه إلى الطبقة العاملة في إيطاليا قال: أود أن أتحدث إليكم عن واجباتكم، وأود أن أتحدث إليكم كما يوحى إلى قلبي عن اقدس ما نعرف من الأشياء: عن الله سبحانه تعالى، وعن الإنسانية والوطن والأسرة. أصغوا إلي إصغاء محبة، كما سأتحدث إليكم حديث مودة. إن كلماتي لهي كلمات اليقين الذي صهرته السنون الطوال التي قضيتها في كمد ونظر ودرس. واعلموا أني ابذل قصارى جهدي في تأدية الواجبات التي سأشرحها لكم وسأستمر في تأديتها إلى آخر رمق من حياتي. قد أخطئ ولكن قلبي متشبع بالحق. قد اخدع نفسي ولكني لن أخدعكم، لذلك أرجو أن تستمعوا إلي كأخ، ولكم أن تحكموا بحرية فيما بينكم إن كنت أتكلم بلسان الحق. واهجروني إذا ما شعرتم أني انطق عن الهوى، ولكن اتبعوني وسيروا على نهج خطتي إذا ما تبين لكم أني رسول صدق مبين. إن الخطأ بلية تستحق الإشفاق، ولكن إذا عرف الإنسان الحق ولم يهتد بهدية في أعماله، فذلك جرم تستنكره السماوات والأرض!

لماذا أتحدث إليكم عن واجباتكم قبل أن أتحدث إليكم عن حقوقكم؟ لماذا وانتم تعيشون في مجتمع ينبغي كله الإجحاف بكم طوعا أو كرها، وفيه يحرم عليكم دواما أن تمارسوا الحقوق التي تخص الإنسان، والذي كتب فيه أن يكون البؤس نصيبكم، وما يعرف بالسعادة من حظ غيركم من الطبقات؟ لماذا أخاطبكم عن التضحية لا عن الغلبة، أخاطبكم عن الفضيلة والتهذيب الخلقي والتربية لا عن الرفاهة المادية؟ هذه مسالة لا بد لي أن اشرحها قبل أن اشرحها قبل أن أتابع حديثي، لأنه هنا يتبين الفارق الحاسم بين نظريتنا وبين النظريات الأخرى التي تشيع الآن في أوربا. هذا فضلا عن أنها مسألة يضطرم بها العقل المتبرم، عقل العامل المتألم!

(نحن فقراء مستعبدون أشقياء، فتحدث إلينا عن أحوال انعم من حالنا، وكذلك تحدث إلينا

<<  <  ج:
ص:  >  >>