عن الحرية والسعادة. نبئنا إن كان مقضيا علينا أن نذوق البلاء إلى الأبد، أو إننا سنسترفه بدورنا. توجه بحديث الواجب إلى سادتنا، إلى الطبقات المتحكمة فينا والتي تعاملنا معاملة الآلات، والتي تحتكر لنفسها الخيرات التي هي حق للجميع. تحدث إلينا عن الحقوق وعن الوسائل التي تؤيد هذه الحقوق، كما تحدث إلينا عن قوتنا انتظر حتى نظفر بمكانة يعترف بها، وحينئذ يجمل بك أن تخاطبنا عن الواجبات والتضحية)
هذا ما يقوله كثير من رجالنا العاملين وهم يتابعون الأساتذة والهيئات التي تساير ميولهم. هم ينسون شيئا واحدا فقط، ذلك أن النظرية التي يثيرونها قد دان بها الناس منذ خمسين عاما دون إحداث أي اثر من الإصلاح المادي في حالة الشعب العامل.
إن كل ما حدث في الخمسين عاما الماضية في سبيل الخير والفلاح ضد الحكومات المطلقة والأرستقراطية الوارثة، إنما حدث باسم حقوق الإنسان، باسم الحرية كوسيلة، وباسم الصالح العام كغاية الوجود، فكل أحداث الثورة الفرنسية، بل وجميع الثورات التي تبعتها وقلدتها كانت نتائج (إعلان حقوق الإنسان). وان جميع مؤلفات الفلاسفة الذين مهدوا لها كانت تقوم على نظرية الحرية وعلى قاعدة تعريف كل فرد ماله من الحقوق.
إن جميع المدارس (المذاهب) الثورية نادت بان الإنسان قد خلق للسعادة، وبان له الحق في أن يسعى لها بكل ما يملك من الوسائل، وان لا حق لغيره في أن يصده عن هذا المسعى، كما أن له الحق في أن يزيل كل ما يصادف من العوائق في هذا الطريق. ولقد زالت العوائق وتحققت الحرية ودامت سنين في بلاد كثيرة ولا تزال كائنة في البعض، فهل تحسنت حال الشعب؟ وهل حققت الملايين التي تعيش بكدحها اليومي اتفه نصيب من الهناءة التي رجوها والتي وعدوا بها؟
كلا، فحالة الشعب لم تتحسن، بل لقد زادت ولا تزال تزيد سوءا في كل بلد تقريبا، وعلى الأخص هنا (في إيطاليا)، حيث أسجل أسعار حاجيات المعيشة التي أخذت في الارتفاع، وأجور الطبقة العاملة التي هبطت في كثير من فروع الصناعة، بينما السكان آخذون في الازدياد.
ولقد اشتدت حال العمال زعزعة واضطرابا في كل بلد تقريبا كما ازدادت أزمات العمل التي قضت بالعطل والخمول على آلاف من العمال، وان الزيادة السنوية في تعداد