بالعدل، وهو شريعة لا تناقض فيها، ولا اضطراب، ولا تخلف، تسكن نفس العادل إلى طريق الأحبة، وتطمئن إلى خطة بينه، ويملأها السلام. وكذلك تسكن وترضى وتطمئن أنفس الآحاد والجماعات التي يدير العدل أمورها، ويصرف شئونها، فيسري السلام فيها ويربط الوئام بينها، ثم يشيع السلام والوئام في أمور الجماعة جليلها ودقيقها، كلها أو أكثرها، والسلام هو سعادة الأحدان والجماعات، وقوام الخير والشر بينها، ووسيلة الصلاح والاستقامة في كل أمورها. وقد سمى الله تعالى نفسه السلام. وفي القرآن الكريم:(والله يدعو إلى دار السلام)(يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور).
فالإيمان بالله يؤدي إلى العدل وفضائل أخرى كثيرة عظيمة. والعدل يؤدي إلى السلام، والسلام قوام السعادة والطمأنينة في نفوس الوحدات والجماعات.
فلهذا فليعمل العاملون، وعلى هذه القواعد فليبين بناة الجماعات والأمم، وهذه السبيل فليسلك دعاة الحق والخير، وهذا النهج فلينهج المعلمون والمربون على اختلاف درجاتهم، وأممهم ومواطنهم وعصورهم.
إن الناشئ في هذا العصر تتلقفه آراء لم تحكمها الروية والتثبت، وأقوال لم يزنها الصدق والإخلاص، وأفعال لم يرد بها وجه الله. وتحيط به هذه الآراء والأقوال والأفعال أنى سار، وتلزمه كل حين بما اخترع العلم من وسائل النشر والإذاعة. وهو هالك إن لم يدركه العقل والعمل.
وعلى قادة الرأي وأولى العلم أن يجنبوا النشء كل حين بكل وسيلة القلق والحيرة والزلل والشطط بهذه الآراء والأقوال والأفعال، في الدار والمدرسة وبالإذاعة والكتب والصحف، وبكل ما هدى إليه العقل السليم والعلم الصحيح من وسائل.