كان سكان الولايات المتحدة الأوائل قوما عذبوا في سبيل دينهم وحرياتهم، وقد دفعهم الظلم الواقع عليهم إلى الهجرة إلى العالم الجديد. وهجرة الوطن والاغتراب عنه ليسا أمراً هيناً.
ولكن الظلم والاضطهاد يحببان الإنسان الحر فيهما ويدفعانه إليهما.
ولا يقيم ضيم يراد به ... إلا الأذلان عبر الحي والوتد
ولما استقر سكان الولايات في ولاياتهم حاولت إنجلترا أن تستغلهم شأنهم في ذلك شأن المستعمرات، ولكنهم وقفوا في وجهها وانتهى الأمر باستقلالهم ١٧٧٦.
قرر الأمريكان منذ اللحظة الأولى أن العالم القديم مملوء بالشرور والآثام والمشاكل، وانتهجوا (سياسة العزلة) ومضمونها ألا تساهم الولايات المتحدة قي اتحادات أوربا السياسية وألا تشترك مع أية دولة أوربية في حل المشاكل التي تقوم في أوربا، كما قررت الولايات عدم التدخل في شؤون البلاد الأمريكية التي حررت نفسها من المستعمر الأوربي باعتبارها دولة أمريكية.
وقد سارت أميركا على هذه السياسة ولكن الحرب لم تلبث أن نشبت في أوربا عقب قيام الثورة الكبرى في فرنسا سنة ١٧٨٩، وانقلبت أوربا إلى أتون حربي في الفترة من سنة ١٧٩٣ - ١٨١٥، وكان النضال بين إنجلترا وفرنسا عنيفا وعنيفا جدا: ذلك أن إحداهما كانت سيدة البحار، وهي إنجلترا وقد تيسر لها القضاء على البحرية الفرنسية، ولكنها لم تستطع أن تنزل إلى البر لتقضي على فرنسا.
وكانت الثانية فرنسا سيدة البر التي استطاع ابنها العبقري نابليون أن يصرع الملوك وان يذل القياصرة، ولكنة لم يستطع أن ينزل بإنجلترا الهزائم في البحر، بل بالعكس حطمت إنجلترا أساطيله.
طال النضال بين الدولتين ولجأتا إلى الحرب الاقتصادية: فقررت إنجلترا محاصرة