للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الشواطئ الفرنسية، ورد نابليون عليها فقرر أن الجزائر البريطانية في حالة حصار، وحرم على الدول الأوربية الاتجار معها، وكان غرضه أن يميتها جوعا. فردت إنجلترا عليه بأن قررت منع دخول سفن البلاد المحايدة (ومنها أمريكا) الموانئ الفرنسية أو الموالية لها إلا بعد مرورها على الموانئ الفرنسية أو الموالية لها إلا بعد مرورها على الموانئ الإنجليزية ودفع الإتاوة المطلوبة.

وقرر نابليون أنه ما دام الحياد قد أصبح ممنوعاً في البحر فهو ممنوع أيضا في البر، وطال النضال واشتدت الحرب حتى انتهت بهزيمة فرنسا وتسليم نابليون١٨١٥.

وقد أصاب التجارة الأمريكية ضيق شديد بسبب سياسة إنجلترا البحرية، ومنعها للسفن الأمريكية من دخول الموانئ الأوربية، وبلغ الضيق أقصاه (١٨١٢) فقامت الحرب بين الدولتين.

لم تكن الحرب بالنسبة للولايات المتحدة نصرا خالصا وإن انتصرت في النهاية، كما أنها لم تفد شيئاً من هذا النصر، فلم تنل توسعا إقليميا ولم تظفر بأي كسب خارجي يبرر ما أنفقت من أموال وما فقدته من رجال (٢١ ألف بحار، ٣٠ ألف جندي) وبرغم هذا يؤمن بعض المؤرخين بأن هذه الحرب قد أفادت الولايات الأمريكية فوائد جمة:

أولا - دعمت هذه الحرب الوحدة القومية إذ أنها دفعت سكان الولايات إلى أن يقفوا صفاً واحدا يدافعون عن وطنهم واستقلالهم. وقد أكد البرت جالاتين وزير مالية أمريكا (١٨٠١ - ١٨١٣) أن الأمريكيين كانوا أنانيين جداً، شديدي التفكير تفكيرا محليا، فلما جاءت الحرب (جددت الشعور الوطني والخلق الوطني اللذين جاءت بهما الثورة، واللذين كانا يتضاءلان مع الأيام، فلقد أصبحت للشعب أهداف توثق بين أفراد وترتبط بها كرامتهم وأفكارهم السياسية. فهم الآن أمريكيون أكثر من ذي قبل، وهم يشعرون ويتصرفون كأمة. وإني لشديد الأمل بأن هذا التطور خير ما يضمن دوام الاتحاد (وتعتبر هذه الحرب حرب الاستقلال الثانية).

ثانيا - عرفت أمريكا أن الاستقلال الاقتصادي جوهري تماما مثل الاستقلال السياسي، بل عرفت ما هو أكثر من هذا، عرفت أن الاستقلال السياسي لا يمكن أن يقوم ولا يمكن أن تكون له قيمة إلا إذا قام على أساس الاستقلال الاقتصادي، ولهذا لجأت الولايات المتحدة

<<  <  ج:
ص:  >  >>