للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في الأدب العربي]

الطبيعة في شعر ابن خفاجة

- ٣ -

وصف الآلات والأدوات: - كان علينا أن ننتقل بك في هذا الفصل إلى وصف الخمر ووصف مجالسها في شعر ابن خفاجة، وأن نريك الطبيعة الماثلة في ذلك النوع من الشعر؛ ولكنا رأينا أن نذكر شيئا عن تشبيهه الآلات والأدوات، ووصفه للخيل والذئاب، قبل أن نذكر لك شيئا من أقواله في الخمر، ومن تشبيهه إياها، خوفا عليك من أن تنتشي وتطرب فلا تعود تصغي إلينا.

وهو في وصفه السيف والرمح والقوس والكأس والزورق، وفي وصفه للفرس الأشقر، والكلب والأرنب، لا يخرج في كل هذا عن الطبيعة في شيء، ولا يشبه تلك الأدوات إلا بما يماثلها في الطبيعة. فيقول في السيف:

ومرهف كلسان النار منصلت ... يشفى من الثار أو ينفى من العار

فهو يشبهه بلسان النار الملتمع. ثم يقول:

تخال شعلة نار منه طائرة ... في عارض من عجاج الخيل موار

يمضي فيهوى وراء النقع ملتهباً ... كما تصوَّب يجري كوكب سار

وهو يشبه قول بشار:

كأن مثار النقع فوق رءوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوي كواكبه

ويقول أيضاً في وصف كأس أهديت اليه:

ومثلك مد يمين الندى ... بعلق يطيل عنان النظر

بأزرق سالت به صفرة ... كما طرز البرق ثوب السحر

يقول إنه كأس ازرق قد سالت به صفرة فبدا كسماء أبرقت في ليل مظلم.

ويقول كذلك في الرمح:

وأسمر يلحظ عن ازرق ... كأنه كوكب رجم وقد

يعتمد العين اعتماد الكرى ... وينتحي القلب انتحاء الكمد

فان السمرة والزرقة وكواكب الرجم المتوقدة والكرى والكمد كلها صور لأشياء طبيعية،

<<  <  ج:
ص:  >  >>