شبه بها عود الرمح الأسمر، وسنانه الأزرق، ولمعانه وقت الطعن.
وأجمل ما قاله في وصف الإله وصفه القوس فهو يقول:
عوجاء تعطف ثم ترسل تارة ... فكأنما هي حية تنساب
وإذا انحنت والهم منها خارج ... فهي الهلال أنقض منه شهاب
فلم يخرج في تشبيهها ووصفها عن حيوان الطبيعة وعن أفلاكها.
ويقول في صفة كلب وأرنب:
وأطلس ملء جانحتيه خوف ... لأشوس ملء شدقيه سلاح
فهو يشبه الأرنب الهاربة امام الكلب بالذئب للتشابه الموجود بين لونيهما، وللتشابه الموجود بين حاليهما، لأن الذئب يهرب من وجه الكلب، ويعبر عن الكلب بالأشوس، وهي حال ضم الجفنين للتحديق والنظر، ويشبه انيابه التي كشر عنها بالأسلحة التي يحملها الصياد.
ويقول في صفة فرس أشقر عليه حلى لآلئه:
بسام ثغر الحَلْي تحسب أنه ... كأس أثار بها المزاج حبابا
فهو يشبهه بكأس من الخمر قد مزجت بالماء فبدت صفراء اللون وطفا عليها حباب ابيض.
واقرأ هذه المقطوعة في وصف نزهة ركب اليها زورقا:
وانساب بي نهر يعب وزروق ... فتحملتني عقرب وحباب
نجلو من الدنيا عروساً بيننا ... حسناء ترشف والمدام رُضاب
ثم ارتحلت وللسماء ذؤابة ... شهباء تخضب والظلام خضاب
تلوى معاطفي الصبابة والصبا ... والليل دون الكاشحين حجاب
حيث استقل الجسر فوق زوارق ... نسقت كما تتراكب الأحباب
لم تستبق وكأنها مصطفةً ... دُعم تنازعك السباق عِراب
فقد شبه أولاً الزورق الأدهم بالعقرب لانحناء مقدمه إلى الأعلى، وانحناء متوسطه إلى الأسفل، وشبه ماء النهر الثائر المائج المزبد بالحباب. ثم شبه ثانية اصطفاف الزوارق باصطفاف الخيل العراب للسباق.
إلى هنا انتهى كلامنا عن وصف ابن خفاجة للآلات والأدوات، وقد أريناك تشبيهاته وأوصافه التي أتى بها ولم يخرج فيها عن حبيبته الطبيعة التي يرى بها كل ما موجود،